للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك، فخلع السلطان عليه قطْعًا لطمع الطامع فيه، وبعث إلى البرهان الديري بأنه لا يتعرّضه ولا يتعرّض لأحدٍ من حواشيه وجماعته (١).

(كائنة السَّفْطي) (٢)

وفيه، في يوم السبت ثاني عشره، رفع أبو الخير النحاس قصّة إلى السلطان بأن له على الولي السَّفْطي دعوى شرعية، وسأل السلطان أن يتوجّه معه إلى الشرع ليسمع عليه الدعوى، فأمر السلطان نقيب الجيش بأن ينزل إلى السَّفْطي ومعه القصّة ويأمره أن يتوجّه هو ورافعها إلى الشرع، فامتثل ذلك بالسمع والطاعة، وقال: من يختار من القضاة؟ فقال: الشافعي.

فدخل معه إلى الشافعي، وهو إذ ذاك الشمس القاياتي، فادّعى أبو الخير المذكور على السفْطي بأنه وضع يده على جُبّة (٣) مكَفّتة بغير طريق شرعي، فسُئل السَّفْطي عن ذلك فأجاب بأنه قبضها منه بعد أن استامها ليشتريها للمدرسة الجمالية، وأنها مُعَلقة بالمدرسة المذكورة، كان باعها أو، أخذ ثمنها، وإلّا قد أذِنت له في أخذها. ثم توجّه إلى منزله وهو موغر الخاطر من قِبَل السلطان كونه لم يعمل هذا بين يديه أو يرسل بإمرة يدفع النداء إليه.

ثم أشيع أن السلطان غضب على السَّفْطي، وكان فالًا عليه حيث وقع بعد ذلك بمدّة يسيرة، أو أشيع بأنه ما بقي يأذن له بأن يصل إليه، ولا يدخل عليه، إلى غير ذلك من الإشاعات التي تحدس بواسطة أمر السلطان بتوجّهه مع غريمه من غير أن يفصل هو القضية ولا يتبهدل السفْطي. وشيعت القالة وكثُر القيل والقال بسبب ذلك، وبلغ السلطان ذلك ممن وصله إليه من جهة السَّفْطي.

ولما كان آخر هذا اليوم حضر إليه من أخبر عن السلطان أنه لم يغضب عليه ولا له عنده شُغل ولا غرض من الأغراض، وإنه على ما هو عليه من الطلوع والنزول، وأن السلطان يعتذر إليه بأن ذلك الإنسان طلب الشرع إذ أن هذا أمر لا شَين فيه، وأنه متى شاء وأراد فلْيطلع على عادته إلى السلطان، وأن السلطان يُعلِمه ذلك، وأنه ليس عنده تهاون في ولاية غرض فيما وقع. فاطمأنّ السَّفْطي بذلك بعض الاطمئنان ولما أصبح طلع إلى السلطان واجتمع به، فحين رآه


(١) خبر استقرار ابن المحرقي في: عقد الجمان ج ٢٤ ق ٢/ ٧٦٨ (ميكرو فيلم ٣٥٠٨٦)، التبر المسبوك ١٤٠ (١/ ٢٩٤).
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) مضبّبة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>