للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفسك، وأعلِمني بهذه القضية، وإلّا كان لك ما لا خير فيه، فأعلمه أنه إنسان فقير الحال، وقصد أن يروّج نفسه بما فعله، ووجد هذا الإنسان المستشفي، فأوهمه بأنه ابتلع ثعبانًا، وناوله دواء فتقيّأ بعنف، وأن الثعبان كان مُعدّاً معه في كمّه حيّاً، ولما تقيّأه (١) أخذ يُظهر بأنه يمسّ رأس المريض أو نحو ذلك، وألقى الثعبان بالطشت، ولما نزل إلى الماء أخذ في الحركة والجولان فراراً من الإهلاك، وكان ما كان، فأمر السلطان بإخراج هذا الإنسان من تونس، وعظُم شيخنا في عينه، وبعث بطلبه إلى تونس، فامتنع من ذلك.

وستأتي ترجمة الشيخ هذا في محلّها إن شاء اللَّه تعالى.

[[خروج التجريدة وارتكاب حادثة شنيعة]]

وفيه، في يوم الأربعاء (٢) سادس عشرينه، خرجت التجريدة المعيّنة للبحيرة لنجدة قَرقماس أمير سلاح ومن معه، ووقع في يوم سفره هذا وخروجهم حادثة شنيعة، وهي أنهم غاروا ظلماً وعدواناً على جمال السّقّايين ورواياهم وقِرَبهم، ليحملوا لهم الماء معهم في مهمّهم هذا، وأخذوا عدّةً من الجِمال والروايا في هذا اليوم ممن وجدوه من السّقّايين. ولما تفطّن السقاوُون (٣) لذلك تغيّبوا جملة كافية، وتعطّلت أحوالهم وأحوال الناس، ولم يوجد بمصر والقاهرة في هذا اليوم حمل من الماء، ووقع الضرر الزائد بسبب ذلك، وتكالب الناس على الماء، وازدحموا على الأسبلة لأخذ الماء، وعزّ وجوده بالقاهرة، وبعث الكثير من الناس ممن له مملوك بغلة أو حمارة مع عبده أو غلامه ليستقي له الماء بالجرار، وربّما أخذت في ( ..... ) (٤) وعطش الناس حتى أبيعت الراوية الماء فيه بأربعة أنصاف عبارة عن الخمسين درهماً ( ............ ) (٥) فضة، بل رئما أبيعت بستة أنصاف أيضًا، وحصل على الناس ما لا خير فيه، واقتصر الكثير من الناس على مياه الأبيار المالحة وشربوها، وزاد تكالبهم على الأسبلة بالمكيلات والجِرار وغيرها بقية هذا النهار. ودامت هذه الشدّة عدّة أيام حتى قال كثير من الناس: كنّا نخشى الغلاء ونعمل حسابه، وأمّا العطش فلم يكن لنا ببال (٦).

ولعلّ هذه الكائنة من نوادر الحوادث المتجدّدة الجارية بمصر، وللَّه الأمر.


(١) في الأصل: "قياه".
(٢) كتب قبلها: "الجمعة" ثم ضرب عليها خطاً.
(٣) في الأصل: "السقاون".
(٤) كلمتان ممسوحتان.
(٥) مقدار أربع كلمات ممسوحة.
(٦) خبر خروج التجريدة في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٢٨٦، ونيل الأمل ٦/ ١٨٩، وبدائع الزهور ٢/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>