للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(استعفاء قرقماس من السفر وعدم إجابته) (١)

وفيه- أعني هذا اليوم- لما حُملت النفقة إلى قرقماس الجَلَب ركب من داره وصعِد إلى القلعة من وقته، فاجتمع بالسلطان، وسأله الاستعفاء، وتبرّم من السفر غاية التبرّم، وألَحّ في يومه هذا على السلطان غاية الإلحاح في عدم سفره، حتى التمس منه أن يأخذ إمرته منه، ويتركه يقيم طرخاناً بأيّ مكانٍ اختاره السلطان، فلم يسعفه لمراده، وصار كلّما تبرّم وسأل أن يعفيه أظهر السلطان معاكسته، حتى خاشنه في اللفظ، وأكّد عليه في سفره وألزمه به، وتم له ذلك، وتعجّبنا من ذلك بعد أن جرى من كسر العسكر ما جرى، وقبِل قرقماس، فكأنّ قائلاً قال له: إن توجَّهت فإنك لن ترجع وتموت مقتولاً في خرجتك هذه، وغلب القضاء بذلك، فخرج مع حرصه على عدم ذلك، كيف وقد كان في خروجه فراغ أجله، فأنَّى له أن يستأخر.

ولما نزل قرقماس في هذا اليوم إلى داره بعد ما وقع له مع السلطان، لهج الكثير من الناس بوقوع فتنة، حتى شاع ذلك وذاع، وفشا بينهم بأنه سيُركب على السلطان، حتى بلغ نفس السلطان ذلك، فما التفت إليه ولا عرّج عليه (٢).

[الإفراج عن ابن العَيني]

وفيه، في يوم الأربعاء، تاسع عشره، أُفرج عن الشهاب أحمد بن العَيني ونزل إلى داره بعد أن حمل شيئاً من المال، وخلع عليه السلطان، كاملية زعموا أنها خلعة الرضا (٣).

(نزول السلطان لينظر بذلك ما أشيع من الركوب عليه) (٤)

وفيه، في يوم السبت، ثاني عشرينه، نزل السلطان من القلعة ومعه بعض قليل من خواصّه وخاصكيّته، وتوجّه إلى ناحية خليج الزعفران فنزل به، وأقام هناك متنزّهاً إلى آخر نهاره هذا، ومُدّت له الأسمطة وغيرها، ثم عاد إلى القلعة.

وكانت لما كثُرت الأراجيف بثوران فتنة وكثُرت الإشاعات بالركوب عليه، لا سيما وقد خاشن قرقماس بالكلام، وفعل مع الجند ما فعل مما تقدّم ذكره، أراد أن


(١) العنوان من الهامش.
(٢) خبر استعفاء قرقماس فى المصادر السابقة.
(٣) في الأصل: "الرضى"، والخبر في المصادر السابقة.
(٤) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>