للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يبيّن لهم عزمه وهمّته، فنزل لهذا المعنى، وأبطل بهذا النزول تلك الإشاعات وأكذب القالة، وعلم كل أحد بأنه مستخفّ بالقوم، وبهذا المقتضى ينبغي أن لا يشك في أن بداية هذا السلطان في سلطنته كانت كنهاية الكثير من السلاطين، بل فوقها في هذا المعنى الذي نحن فيه، إذ لم يقع مثل هذا لأحدٍ من ملوك التُرك، من يوم سلطنة المعزّ أيبك وهلُمّ جرّاً إلى يومنا هذا، وأنت خبير بذلك إن كنت على بصيرة من ذلك، وإلّا فارجع إلى التواريخ تعلم صحة ما قلناه، ولعلّ ذلك كذهاب الرجال وذوي الهِمم من أكابر الأمراء الذين كان يُخشى من شرورهم وعزائمهم (١).

[[شهر رجب الفرد]]

وفيها استهلّ رجب الفرد بالأحد، وهُنّئ به السلطان، ووافق هذا اليوم العشرين من شهر طوبة من شهور القبط.

[قدوم الأتابك أُزبَك من البُحيرة]

وفيه- أعني هذا الشهر، في هذا اليوم-، قدم الأتابك أُزبك من البحيرة، وصعِد إلى القلعة بعد عصر نهاره هذا في ليلة الموكب، وأخبر السلطان بصلاح البحيرة عمّا كانت قبل ذلك، وبات بالقصر.

(تعيين الأتابد أُزبك باشا على العساكر) (٢)

وفيه، وفي يوم الإثنين، ثانيه، لما أصبح السلطان فعمل الخدمة وأقيم الموكب، عيّن السلطان الأتابك أُزبَك المذكور للسفر لشاه سوار، وشافهه بذلك، وأنه الباش على العساكر، فتوقف عن ذلك، وأخذ في الاعتذار بأشياء، منها: قلّة ما في يده من الموجود، وذكر ما ذهب له قبل ذلك في الواقعة التي جرت من برْك وخيول وقماش ويَرَق وغير ذلك، فلا زال السلطان يتلطّف به حتى أذعن وأجاب إلى السفر، ونزل إلى داره والقاله بوقوع الفتنة موجودة، والإشاعة بالركوب على السلطان فاشية من غير تصريح بذِكر أحدٍ بعينه يذكر عنه ذلك أو يُنسَب إليه، وما كفى الناس هذه الأراجيف ووقوع الغلاء الذي أجحف، ووجود الطاعون، إلا أنه غير فاشٍ، لكن الإرجاف عمّال بأنه سيفشو، حتى زاد لَهَج الناس، وأفشوا الإشاعة بأن الفتنة كائنة لا محالة، حتى نقل الكثير من الناس أثاثهم وأمتعتهم إلى


(١) خبر نزول السلطان في: إنباء الهصر ٥١، ٥٢، ونيل الأمل ٦/ ٣٦٠، وبدائع الزهور ٣/ ٢٧.
(٢) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>