للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جامعها الأعظم لصلاة العصر، وإذا أنا بالسلطان صاحب تلمسان بالشارع الذي به أحد أبواب هذا الجامع، وهو الباب المقابل لباب المكان الذي به الشيخ الصالح، الولي، الكبير، الشهير، الخطير، العابد، الزاهد، السالك، الناسك، سيدي أحمد بن الحسن (١)، نفع اللَّه تعالى به، فترجّل - أعني السلطان المذكور - عن فرسه، ووقف بباب الشيخ المذكور، ثم طرق الباب بلطف، فقال الشيخ من داخل المكان: مَن؟

فقال له: عبدك ابن (٢) أبي ثابت. بهذه العبارة.

ففتح له الباب، فساعة وقوع بصر السلطان عليه أهوى لتقبيل يده، ثم دخل إليه فزاره، ثم خرج وتوجّه.

وقد تقدّم شيء (٣) من ذِكر الشيخ هذا، ويأتي أيضاً شيء من ذلك، ثم لعلّنا أن نترجمه فيما بعد السبعين إن شاء اللّه تعالى.

(أخذ الفرنج جبل الفتح من الأندلس) (٤)

وفيه - أعني هذا الشهر - أخذ الفرنج البرطُقال (٥)، البلد المعظّم، أحد أعزّ حصون الإسلام وبلدانها بالأندلس، المسمَّى بجبل الفتح، وذلك في هذه الفتنة الكائنة بين الأب والابن، أعني أبا النصر سعد بن الأحمر وولده أبا الحسن الماضي خبرهما، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فإن ذلك من أعظم المصائب في الإسلام، لأن من هذا الحصن كانت بداية أخذ بلاد الأندلس من الكُفّار في الزمن الأول، وهو أعظم معاقل الإسلام بالأندلس، وخرج أهلها منها بالأمان، وباللَّه المستعان، ولما بلغ هذا الخبر تِلِمسان وغيرها من بلاد الأنلس بهذه الجهة، عظُم ذلك عليهم، وكثُر التأسّف على ضعف الإسلام بالأندلس واشتغالهم عن حفظ الحصون الإسلامية، بما هم فيه من الفِتن وطلب العزّ والسلطان المُفضي إلى الذلّ والهوان (٦).

وبَلَغَنا أن الكفّار احتالوا (٧) بعض حيلة على أهل جبل الفتح، ثم أمّنوهم،


(١) انظر عن الشيخ أحمد بن الحسن في: تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية، ص ١٥٣.
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) في الأصل: "شيئاً".
(٤) العنوان من الهامش.
(٥) في نيل الأمل: "البرطغال".
(٦) خبر جبل الفتح في: نيل الأمل ٦/ ٢٠١.
(٧) في الأصل: "احالوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>