للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشقّة الزائدة، وخرج بعد أن تقدّم أمره للوليّ السيوطي بأن يشرع في خطبته، ويخفّف الصلاة خوفًا من الإسهال. ثم خرج فرتّب العساكر، وأنزل الحريم بقماش الموكب، وهو ماشٍ على قدميه من غير استناد لأحدٍ من الجند، وهو يُظهر غاية الجلادة. وصلّى الًجمعة وسُنَنَها ونوافلها وهو قائم، لكن في غاية (. . .) (١) وتغيُّر اللون على ما كان عليه أولًا، فإنه كان في حال صحته تعلوه صُفرة خفيفة بجبلّته الأصليّة، ثم فرغ من الصلاة بجميع تعلّقاتها في أقلّ من أربع دَرَج، وخفّف القاضي غاية الخفّة، وأسرع في الخطبة والصلاة، ثم عاد السلطان من الصلاة (٢)، وخرج من الجامع الناصري قاصدًا الحريم، فأخذه في أثناء ذلك لسقوط القوة من الحركة، وسقط مَغْشيًّا عليه، فرشق الماء ورد والخلاف على وجهه، وأقيم فأدخل الحريم. وكانت هذه الجمعة آخر جمعة صلّاها، وهذه آخر دخلة دخلها للحريم أيضًا، ثم لم يخرج بعدها إلّا محمولًا على نعشه. ثم صارت الخدمة بعد هذا اليوم تعمل بقاعة البيسرية (٣) داخل الحريم إلى أن كان ما سنذكره (٤).

(المناداة بالإغلاق) (٥)

وفيه، في يوم السبت، ثاني عشره، خرج الأمر من السلطان بأن ينادَى بشوارع القاهرة بأن أحدًا لا يخرج من داره بعد صلاة المغرب، وأن تُغلَّق الحوانيت من ذلك الوقت، وهُدّد من خالف ذلك. وكانت هذه المناداة كطنين الذباب، أو صوت الرباب، وما التفت إليها أحد ولا عمل بها، وحدس الناس من ذلك أن جُلّ الغرض بها عدم خروج الجند من دُورهم إلى منازل بعضهم البعض خوفًا من وقوع فتنة في هذه الأيام وثورانها، بل بقي السلطان خائفًا من اقتلاع السلطنة منه في حالة مرضه، متوهّمًا من زوال دنياه مع بقاء حياته غير مفكّر في الموت وهجوم المنيّة. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.

(ورود الخبر بخروج بُردُبك نائبًا إلى حلب) (٦)

وفيه، في هذه الأيام، وردت الأخبار من دمشق بأن بُردُبك نائب الشام خرج منها بعساكر الشام إلى جهة حلب، لمساعدة من بها من النواب، لما بلغهم عِظم


(١) كلمة ممسوحة.
(٢) كتب قبلها: "السلطان" ثم شطب عليها.
(٣) كتب قبلها: "الدهيشة" ثم شطب عليها.
(٤) خبر شهود السلطان في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٠١، ٣٠٢، ونيل الأمل ٦/ ٢٧٤، وبدائع الزهور ٢/ ٤٢٢.
(٥) العنوان من الهامش.
(٦) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>