للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولما نازلها صاحب تونس دام بها مدّة أيام يحاصرها من تحت أسوارها، إلى أن آل الأمر في ذلك إلى الصُلْح.

وكان من خبر ذلك أنه مات في أيام الحصار عدّة من أهل تِلِمْسان، وكذا من عسكر عثمان فاجتمع علماء تِلِمْسان وتوجّهوا إلى سيدنا القطب، الغوث، الوليّ الصالح، سيدي أحمد بن الحسن، متّع الله تعالى به، فأخذوه ومضوا به إلى صاحب تِلِمْسان وهو في الحصار، ومعهم جماعة من أعيان تِطِمْدان، وأشاروا عليه بأن يصالح ويجيب صاحب تونس لمقصده، وهو القيام بدعوته وضرب الدرهم والدينار باسمه، فأجابهم إلى ذلك بعد تمنّع، وأظهر بعضهم له الخشونة في القول، حتى قالوا له: إنك إذا هجم علينا فررت إلى جبل بني سعل من جهة أخرى، وتركتنا للسيف والنهب وسفك الدماء من المسلمين لأجلك، فإمّا أن تجيب إلى الصلحٍ، أو فنحن نجِبْ دعوةَ صاحب تونس ونسلّم إليه البلد، وإن في المصالحة صَوْنًا لك ولدماء المسلمين. ولما اجتمعوا على ذلك خرج سيدي أحمد بن حسن بنفسه إلى صاحب تونس، ولما أخبر به قام فمشى إلى لقائه، وسعى إليه وتلقّاه بالرحب والإجلال والتعظيم، وقبّل يده بعد أن أنزله من على البغلة التي خرج عليها بيده، عاضده من تحت إبطه، وأجابه إلى كل ما سأله بعد أن قال له: إن صاحبك ناقفق للعهد، فقد نقض كما فعل أولًا، فالتزم له عدم ذلك، وقرّروا الصلح بينهما أن يدخل جماعة من عسكر صاحب تونس إلى تِلِمْسان، وأن يخطب له على منابره بحضورهم في يوم الجمعة، وأن يخرج إليه الدراهم والدنانير منقوشًا (١) عليها اسمه، وأن يعمل داره بتِلِمْسان لعَوده، ولما تم ذلك رحل عنها بعد تقرير الصلح على ذلك.

وبَلَغَني أنه صاهره على ابنته أو غيرها من أقاربه لأحد بنى أولاد عثمان، ثم بَلَغَنا أيضًا بعد مدّة أنه نقض ذلك الصلح أيضًا، أعني محمد بن (٢) أبي ثابت (٣).

[[بداية الوحشة بين جهان شاه وحسن بك الطويل]]

وفيها أيضًا في أواخرها، كانت بداية الوحشة الكبرى بين جهان شاه بن قرا يوسف صاحب تبريز وما والاها من العراقين وغيرهما، وبين حسن بك الطويل بن قرايُلك صاحب آمِد وما والاها من ديار بكر، إلى أن كان من أمرهما ما كان من قتْل حسن لجهان شاه على ما سيأتي (٤).


(١) في الأصل: "منقوش".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) خبر أخذ تِلمسان في: نيل الأمل ٦/ ٢٦٧، وبدائع الزهور ٢/ ٤٥٠.
(٤) خبر بداية الوحشة في: نيل الأمل ٦/ ٢٦٩، وبدائع الزهور ٢/ ٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>