للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بقتل القاتل، فأتوا به إلى مركب القبطان، واجتمعت الشواني الثلاث إلى بعضها وأحضروا يهوديًّا كان ركب من الإسكندرية وأعطوه شيئًا كالسّاطور العظيم، ونصبوا وَتَدَين في حافّة المركب، ودلّوا بدن القاتل إلى البحر، وبقي عنقه بين الوتدين، ورأسه إلى المركب. فامتنع اليهوديّ من ضرب عنقه ورمى السّاطور، فما زالوا به حتى ضربه ضربة قوية ففصل رأسه عن جسده، فصار الجسد في البحر والرأس في المركب، فألقوا بها في البحر (١).

[في تونس]

ووصل إلى تونس يوم الأربعاء في ٢٢ من ذي القعدة، بعد أن بقي في البحر ٣٣ يومًا، فوجدها تشبه دمشق، حسنة، جليلة، هائلة، ونزل في فندق الركاد؟ وفيها توثّقت معرفته بالتاجر الرُمَيمي، وقام معه قيامًا تامًّا في بيع ما كان يحمله إليها من تجارة، وأغناه عن معالجة الناس (٢). وتردّد للصلاة في جامع الزيتونة، فرحّب المدرّس به الشيخ "أبو إسحاق إبراهيم الأخدري (٣) "، فكان يحضر مجلسه بين الظهر والعصر أحيانًا، وبين العصر إلى قرب المغرب أحيانًا أخرى، وسمع الكثير من فوائده وتحقيقاته، إذ كان - حسْب وصفه له - آيةً ورأساً في الفتوى، لا سيما الأصلين.

وقد عيّد المؤلّف بتونس، وحضر صلاة العيد بجامع الزيتونة.

وفي يوم الأربعاء ٢٨ من ذي الحجة وصل إلى ميناء تونس مركبان للفرنج، فيهما عدّة أسرى، فركب المؤلّف قاربًا بقصد الفُرجة، فصعِد إلى المركب الأكبر، فوجد واحدًا من الأسرى من المسلمين الأتراك، من بلاد حاج ترخان من دست قبجاق التتر يعرف التركية، ولغة الفرنج، إذ بقي في أسرهم نحو ٢٥ عامًا، ولا يعرف العربية، فكلّمه بالتركية، وعرف أن اسمه "مبارك"، فاجتمع بالخواجا التاجر "أبي القاسم البنيولي أحمد" (٤) ناظر الأندلس، وعظيم التجار بتونس ونزيلها، وأخبره بأمر هذا الأسير، فتوسّط له مع الفرنج، فافتدى "المؤلّف" الأسير منهم بأربعين ديناراً وأنزله إلى البر، واستخدمه، وبقي معه عدّة سنين (٥)، إذ عاد معه إلى القاهرة، وأفاد منه أخبار بلاد التتر والفرنج، ومات في طاعون ٨٧٣ هـ.


(١) الروض الباسم ٢/ ورقة ٤٢ ب.
(٢) المجمع المفنّن، ١/ ٢٤١، رقم (١٢١).
(٣) المجمع المفنّن، ٢/ ٣٢١، رقم (٢٢٦).
(٤) الروض الباسم ٢/ ورقة ٤٢ ب.
(٥) انظر الصفحة ٤٧ أ من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>