للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إعادة صفيّ الدين الطواشي إلى تقدمة المماليك]

وفيه، في يوم الخميس سادسه، أعيد الخادم صفيّ الدين الطواشي جوهر النَوروزي إلى وظيفة تقدمة المماليك السلطانية عِوضًا عن مرجان العادلي (١) الذي كان تولّاها عنه، وبقي إلى هذه المدّة، ثم مات وأعيد جوهر كما كان.

[[ظهور الأمن بالقاهرة والأرياف]]

وفيه، في هذه الأيام ظهر بالقاهرة بل وبضواحيها، بل وسائر النواحي والجهات من الأرياف والأعمال، قبليًّا، بحريًّا، شرقيًا، وغربيًا، من الأمن والأمان والطمأنينة ما لا يُعبّر عنه من غير أمر ظاهر أوجب ذلك، ووقع رعب هذا السلطان الجديد في قلوب جميع المفسدين من سائر الطوائف حتى كفّ أكثرهم عن خروجه من داره، فضلًا عن أن يشتغل بفساد أو أذى أو قطع طريق أو غير ذلك. وتفاءل (٢) الناس وتيامنوا بسلطنته عليهم واستيلائه على الأمر، ومالت النفوس إليه ميلًا مفرطًا، وأحبّوه، وأنطق اللَّه تعالى الألسُن بالدعاء له، لا سيما لما قمع المفسدين من جُلبان أبيه ولم يمكّنهم من رفع رؤوسهم (٣) ومنعهم من تلك الأفعال القبيحة التي كانت تصدر منهم وغيرهم، وأخذ في تهديدهم بأنواع النكال إن تمادوا على ما كانوا فيه وتوعّدهم أيضًا بذلك، وإرهابهم بدسائس يدسّها إليهم أن هذا هو المصلحة، وأن هذا ولد أستاذكم إن لم تسمعوا له وإلّا فيزيد طمع الناس فيه، وبطمعهم فيه يطمعوا فيكم، إلى غير ذلك من أشياء تصدر عن العقلاء المدبّرين، حتى عفّوا وكفّوا وانجمعوا وأطاعوا وسمعوا، بل وانحط قدرهم، حتى بقي الواحد منهم لا يستطيع أن يزجر غلامه وخديمه، فضلًا عن الغير، وزاد حب السلطان في قلوب الناس لِما قاسوه في أيام أبيه حتى منه هو نفسه في قضية ما كان له من الحمايات بالبلاد والمراكب وأشياء أُخر غير ذلك. فلما تسلطن شاد وجاد وأزال تلك المظالم كلها عن العباد والبلاد، وأحبطها عن آخرها، ولم يبق دأبه إلّا إظهار العدل ونشره والنظر في المصالح العامّة والخاصّة، وحصل به ما لا يعبّر عنه حتى عُدّ ذلك من النوادر، إذ هو خلاف بداية الدول، ولو أراد اللَّه تعالى لعباده خيرًا


(١) توفي مرجان العادلي في هذا العام (٨٦٥ هـ.). انظر عنه في: النجوم الزاهرة ١٦/ ٣١٢، والمنهل الصافي ١١/ ٢٣٦، ٢٣٧ رقم ٢٥١١، والدليل الشافي ٢/ ٧٣٢ رقم ٢٥٠٢، والضوء اللامع ١٠/ ٥٣ رقم ٦١٠، ووجيز الكلام ٢/ ٧٤٥ رقم ١٧١٣، ونيل الأمل ٦/ ١٠٥ رقم ٢٥٢٥، وبدائع الزهور ٢/ ٣٧٢.
(٢) في الأصل: "تفال".
(٣) في الأصل: "روسهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>