للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البحر، فساروا إلى ساحل مصر، ثم نزلوا إلى مراكبهم وبقوا في انتظار الجُند المعيّن معهم، فلم يتفق أنْ حضر إليهم الواحد ممن عُيّن فيها من الجند، ولا تبِعهم ولا خرج إليهم ولا اكترث بما هم فيه، فأقاموا بالشاطئ، هذا والسلطان صحيح الذهن يعي الكلام ويأخذه ويجيب عنه، مع حضور عقله، وتنفيذ غالب الأمور برأيه، من غير أن يُظهر الملل ولا الكلل، بل وولّى وعزل في أثناء هذه الحادثات وفي هذا اليوم، وأكثر الناس لا يضجّون بالضرر عنه، بل ينسبون إلى خيربك وغيره. هذا، والأشرفية البرسبائية والإينالية أيضًا مستشرفون (. . .) (١) إلى موت الظاهر خُشقدم، بل داعون بزواله، ولهم هَرَج ومَرَج وتحرُّك زائد لما نالهم وخُشداشيهم من الأعيان منه، ولم تنقطع حركتهم في هذه الأيام ولا قالهم وقيلهم. وجرى بعد ذلك ما سنذكره (٢).

[[طلوع بعض الأمراء لخدمة السلطان]]

وفيه، في يوم الإثنين، خامسه، طلع بعض الأمراء وأرباب الدولة للخدمة، وحضر كاتب السرّ، فدخلوا على السلطان بالحريم وهو على حاله بالأمس وقُدّمت له العلامة، فعلّم على دون العشرة من المناشير والمراسيم، وكان في غلبة زائدة وتعلّق، وشدّة سقوط قوى من انحطاطه في المرض وغلته. ولما فرغ من تغلّبه على ما ذكرناه من العدّة من المناشير والمراسيم، استلقى على قفاه في فرشه كالذي عيي مما باشره، هذا، وآثار الموت عليه ظاهرة، وقرُب ارتحاله إلى الآخرة، وهو متحسّر على الدنيا، مؤمّلًا البقيا. وانفضّ الموكب، وخرج الناس والهَرَج والقال والقيل في ازدياد، وغالب الظنون حاكمة بزوال خُشقدم (٣).

[محادثة السلطان لأحد مقدَّمي الألوف]

وفيه، أعني هذا اليوم، بعد ظُهره، طلع شخص من أعيان مقدَّمين (٤) الألوف إلى القلعة لرؤية السلطان والسؤال عن خاطره وحاله، فأذِن له بدخوله عليه، فلما رآه أنس إليه وقال له: إنّني طيّب لا بأس عليّ، ثم أخذ يذكر له ما يشيعه أعداؤه (٥) عنه من الموت، وهو في تشويش من جهة ذلك، ثم تكلّم بكلام كثير، وكان من


(١) كلمة ممسوحة.
(٢) خبر حثّ الأمراء في: نيل الأمل ٦/ ٢٧٦.
(٣) خبر طلوع بعض الأمراء في: نيل الأمل ٦/ ٢٧٦، ٢٧٧.
(٤) الصواب: "أعيان مقدّمى".
(٥) في الأصل: "اعداه".

<<  <  ج: ص:  >  >>