في بعض معارضاته له: أنت تظنّ أنك ناظرٌ معنى إيّاك، وذلك، إنما ذلك إليّ، وأنت وأمثالك إنما جُعل لأجل إقامة ناموس الوقف واستخلاص أموالهم، فأنت كالآلة لي، وأما شرط ما وضع له الناظر، فأنت بمعزل عنه. هذا مع ما كان عليه تمربُغا من الفضيلة وطلب العلم في الجملة، بحيث حنق من شيخنا من كلامه ذلك وتباينا.
[توقّع الكافِيَجي زوال سلطنة تمربُغا سريعًا]
ولقد مازَحني شيخنا، رحِمه اللَّه، بعد سلطنة تمربُغا هذا مرة في ذكر شيء يتعلّق بتمربُغا هذا وسلطنته، فأخذت أمازحه وأقول له إنه يُخْتَشَى منه، فضحك من قولي ثم قال لي: واللَّهِ إنني لم أتوهّم حصول ضرر لي منه، فضلًا أن أجزم به، فأختشي منه لأجله، لعلمه بأن الأمور ليست إليه ولا بيده. ثم قال لي: لكن سوف يزول ملكه عن قريب، إذ فيّ توسّمٌ يقضي بذلك، لا سيما قيام شوكة الجُلبان، وبقاء أمرهم زيادة على ما كان، وكان ما قاله شيخنا، رحمه اللَّه تعالى وعددت ذلك من كراماته، فإنه خالف فيه غالب الناس أو الجميع، حيث قضوا ببقاء مُلك تمربُغا هذا.
ولم يزل تمربُغا هذا على هذا النموذج الذي ذكرناه في بقية مدّة سلطنته كلها، وهو سالك المسالك التي يستجلب بها خواطر الخاص والعام، وزال ما كان قد عُهد به قبل ذلك من التعاظم والشمم والجبروت في أيام إمرته قبل سلطنته، حتى تُعُجّب منه في ذلك غاية العجب، ولعلّ ذلك التمسكن كان لأجل التمكّن، واللَّه أعلم.
[نهب العامّة دُور جُلبان خُشقدم]
وتمّ تمربُغا هذا في بقية يوم سلطنته، وهو يوم السبت هذا بالقصر، ثم استعجل في هذا اليوم الكثير من العكسر، وبل والعامّة بعد مبايعة الظاهر تمربُغا هذا، بأنْ قصدوا ديار المؤيَّدية، لا سيما جُلبان خُشقدم، فأخذوا في نهبها، وأول ما بدأوا به دار يشبُك الفقيه، فنهبوها بغير إذن من السلطان، ثم أخذوا بعدها في نهب دار قانِبَك المحمودي، وكانت مملوءة من كل شيء، ما بين أموال من ذهب وفضّة وفلوس، وسكّر، وقنْد، وعسل، وقماش، وأثاث، وغير ذلك، حتى لما كثُرت الغوغاء بداره وامتدّت الأيدي للنهب تكسّرت الكثير من أمطار العسل المرسل.
وبلغني أن الناس خاضوا في ذلك، وحُملت الأقمشة وكثير من الأمتعة على