للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العالم، العلّامة، أبو (١) عبد اللَّه محمد بن منصور (٢)، إنسان من كبار أهل العلم والفضل الغزير، له تُؤدة وحُسن سمْت، وسكون زائد، ووقار ودين، في خيرٍ، وأدب، وحشمة، وورع، وعفّة. حضرت عنده غير ما مرة، وسمعت الكثير من فوائده. كثّر اللَّه في الإسلام من مثله. وقد بلغني أنه موجود إلى الآن في هذا الزمان، وهو باقٍ على قضائه ومنصبه لدينه وعفّته، وحُسن سيرته، وحمْده وشُكره في إنصافه، وقضائه بالحق والعدل. حفظه اللَّه تعالى وأبقاه، وبعين عنايته رعاه.

(الرياح والبَرَد النادِر بالقاهرة) (٣)

وفيه، في يوم السبت، سادس عشره، ثارت رياح مزعجة بالقاهرة مَرِيسيّة، وكان ذلك موافقًا لثاني طُوبة، من شهور القِبط، ثم أعقب ذلك بَرَد شديد جدًّا، بحيث لم يُر مثل ذلك البَرَد من شدّته، وما عهده أهلُ مصر، ولا رأوا ما يشبهه في القريب من هذه الأزمنة إلّا نادرًا جدًا، بحيث جمدت المياه من هذا البَرد، وصارت جليدأ، وأبيع الجليد في المزابل على الحمير بالقاهرة، وهلك الكثير من الزرع والشجر، وأضرّ ذلك بحال الكثير من الناس، وكان من النوادر الواقعة بمصر (٤).

[خروج المؤلّف إلى بساتين غَرناطة]

وفيه، في ثامن عشرينه، خرجتُ إلى جهة أجِنّة غرناطة وبساتينها، فرأيت العجبَ من كثرة ذلك، وما بها من الفواكه والخيرات. ثم في يوم سلْخه خرجنا نتنزّه في كروم غَرناطة أيضًا من جهتها الأخرى، غير جهة الأجِنّة، فرأيت أمرًا مهولًا من الأشجار من عنب وتين.

[طلوع المؤلّف إلى سلطان غَرناطة]

وفيه، في يوم الجمعة، تاسع عشرينه، طلعتُ إلى صاحب غرناطة السلطان أبي (٥) الحسن الماضي ذِكره، وهو بحصنه دار الإمارة، التي يقال لها "حمراء كَرناطة" يأنس إليّ، وكان بعث يطلبني إليه ليسألني عن أخبار صاحب تِلِمْسان،


(١) في الأصل: "أبي".
(٢) تقدّم قبل قليل.
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) خبر الرياح والبَرَد في: نيل الأمل ٦/ ٢٣٣.
(٥) في الأصل: "أبو".

<<  <  ج: ص:  >  >>