للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دروسه استئناسًا به، وسمعت الكثير من فوائده، ولا سيما العربية، فإنه آية فيها.

وهو إنسان حسن، عنده بِشْر وبشاشة، وطلاقة محيّا، قرأ الكثير، وأخذ عن جماعة من علماء عصره، منهم الشريف التِلِمْساني المذكور، ومنهم قاضي الجماعة في ذلك العصر سيدي الشيخ العلّامة، الرَّحلة، أبي عبد اللَّه محمد بن منصور (١)، الآتية ترجمته في سنة (ثمانٍ) (٢) وثمانين إن شاء اللَّه تعالى، وشُهر وتميَّز، ووُلّي قضاء مالقة وخطابة جامعها الأعظم وإفتاءها (٣) وهو بصدد نفع الطلبة بها. وكان شابًّا في تلك الأيام من أبناء الأربعين فما دونها، وبلغني الآن بأنه في غاية الشهرة والذِكر بمالقة، وهو على ما هو عليه، نفع اللَّه تعالى بعلومه وكثّر منه.

[[خبر فرار إنسان من مالقة إلى بلاد الفرنج]]

وفيه، في يوم الأحد، رابع عشرينه، كنّا وقوفًا بباب البحر بمالقة، وإذا بإنسان فارّ مسرع في جَرْيه، مستريب جدًّا، وهو مُجِدّ في العدْو، مرّ علينا كالبرق الخاطف، ثم أعقبه أُناس مسرعون (٤) خلفه، مُجدّون (٥) في طلبه وإدراكه، فلم يقدروا على تحصيله، وقصد في هربه بلاد الكُفْر من بلاد الفرنج، فسألنا عنه، فقيل لنا إنه احتنق هو وآخر، فقتله في هذه الساعة، ثم سألت عنه بعد ذلك، فقيل لي إنه لحِق بدار الحرب، ودخل تحت إيالتهم ببلاد الفرنج البُرطقال. فلا حول ولا قوة إلّا باللَّه.

[[هجوم الفرنج على طاحون خارج مالقة]]

وفيه، في يوم الثلاثاء، سادس عشرينه، هجم جمعٌ من الفرنج البرطقال على بعض الطواحين، خارج مالقة، فأسروا عدّة من المسلمين ممن كان بالطاحون المذكورة.

ثم ورد الخبر بأن أسيرًا من الكفّار، ممن أسلم بهذه البلاد، ثم هرب من مالقة، هو الذي أتى دليلًا مع هؤلاء الكفّار بعد ارتداده، وفعل معهم ما فعل بهذه الطاحون، وللَّه الأمر (٦).


(١) انظر عن (محمد بن منصُور) في: نيل الأمل ٧/ ٣٦٥ رقم ٣٢٦٠، وبدائع الزهور ٣/ ٢٠٥ ولم يذكر اسمه.
(٢) في الأصل بياض. وما أثبتناه من المصدرين السابقين.
(٣) في الأصل: "وافتاها".
(٤) في الأصل: "مسرعين".
(٥) في الأصل: "مجدّين".
(٦) خبر هجوم الفرنج في: نيل الأمل ٦/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>