للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ترجمة عمران بن غازي المغربي وولده) (١)

٤٥ - الخواجا التاجر زين الدين عمران بن غازي (٢) بن محمد بن غازي بن عزّ الدين المغربي، المالكي.

نزيل القاهرة، وهو ذات حسنة، له شهرة في كبار التجار وصِيت وثروة ومال وافر، وينسب لطلب العلم، وعنده معرفة تامّة، وله بشاشة وطلاقة وجه، وتُؤَدة، وحُسن سمت، ومُلتقى.

٤٦ - وولدت فاطمة هذه للخواجا عمران المذكور ولده القاضي نور الدين علي بن عمران بن غازي في سنة أربع وخمسين وثمانمائة - على ما أخبرني به من لفظه، أعني النور المذكور إملاءً عليّ، لكنّه قال: أقول ذلك تقريباً لا تحقيقاً. ونشأ مشتغلاً بالعلم، وقرأ كثيراً، وحفظ بعض المتون، وصار والده يحرّضه على العلم ويحثّه عليه ويجعل له على كل متنٍ يحفظه مبلغاً يعطيه إيّاه، فحفظ ابن (٣) الحاجب الفرعي، وغيره، وأخذ في الاشتغال فحصّل طرفاً من العلم لا سيما من المعقولى، وأخذ عن جماعة من الأعيان الأفاضل، ولازم الشيخ حمزة العربي الذي تأتي ترجمته في سنة سبع وسبعين وثمانمائة إن شاء الله تعالى، واستفاد منه، وحضر دروس الكثير من علماء المالكيّة وغيرهم، وهو باق على طلب العلم، وله فيه رغبة ومَيل.

ولما توجّه والده لبلاد المغرب للتجارة قبل الثمانين وثمانمائة وجعل ولده هذا متكلّماً على شيء مما يتعلّق به داخَلَه كثير من شياطين الإنس وحسّنوا بباله أن يعرف أهل الدولة ويُداخلهم، وأن يتولّى نيابة الحكم ويعرف الناس. ولا زالوا به حتى طاش لكلامهم لشبابه وصغر سنّه وقلّة دُربته، ولبعض طيش عنده، وعدم تجارب للأمور، فصار يتعرّف بالأعيان من أرباب الدولة ويُهاديهم، ويصحب من لا فائدة في صحبته.

ثم عمّر الدار التي بشاطئ النيل بمصر تجاه المقياس، وصرف عليها نحو الخمسة آلاف دينار أو أكثر، ففتّحت له العيون، وبقي الكثير من الناس والأعيان يطلبون منه المال على وجه القرض ونحوه، وهو يبذل لكل من طلب ما طلب، وتصرّف في بعض الحواصل لبعض من لا يمكنه أن يخالفه من أكابر الأمراء إلى أن


(١) العنوان عن الهامش.
(٢) انفرد المؤلف -رحمه الله - بترجمة عمران بن غازي.
(٣) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>