للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سلاح عوضاً عن يشبُك من مهدي بعد قتله في كائنة باينْدُر، وخرج أميراً على الحاج بالمحمل، ثم عُيّن في الأولى من غيلان النقلة (١) صحبة أزْدَمر أمير مجلس قريب السلطان، وهو مقيم بمصر إلى الآن مع العسكر.

وهو إنسان حَسَن، خيّر، ديِّن، نزِه، عفيف النفس بالنسبة لغيره، كثير التحرير في أحكامه، ينتمي لطلب العلم، بل ويقرأ الفقه وربما حقّق فيه، وله ميل لأهل العلم وطلبته، كثير البِرّ في أيام الزكوات تزدحم الفقراء على بابه لأخذها وهو تركيّ كما قلت، مسلم الأصل، فعلى هذا لم يملكه الأشرف ولا الظاهر ولا مسّه الرقّ.

وهو من أبناء القريب من الستين سنة.

وكان بينه وبين الوالد غاية الصحبة الأكيدة والوداد، ويُذكر ببعض بُخل وشُح.

[[اجتماع والد المؤلف بالسلطان]]

وفيه، في عصر هذا اليوم طلع الوالد على عادته إلى القلعة فاجتمع بالسلطان فقال له: ما تقول في جانِبَك نائب جدّة؟

فقال الوالد: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٢) (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الإنسان: ٣٠، ٣١].

فأعجبه ذلك، وعُدّ هذا من بديع الأجوبة التي فيها الموازنة. وقصد الوالد بذلك، لا سيما وحزب جانبك حزب موفور، فإنّه يمكن من قرأ هذه الآية جواباً عن هذا السؤال أن يقول في مرارة ما شاء.

ثم لما قام الوالد من عند السلطان حمل عليه الجمال يوسف بن تغري بردي، فأعاد السلطان عليه ما قاله للوالد من توخّي ما يقول في جانبك. فقال: عاش سعيداً، ومات شهيداً، فلم يعجبه تخليطه. ثم لما قام قال السلطان لبعض خواصّه: أين ذاك الكلام؟ يشير إلى مقالة الوالد من تلاوته تلك الآية الشريفة من هذا؟ يشير إلى مقالة ابن (٣) تغري بردي.

ذكر لي هذه الحكاية بعض من أثق به ممن سمعها من لفظ السلطان.


(١) هكذا قرأناها في الأصل.
(٢) في الأصل: "تشاون".
(٣) في الأصل: "بن".

<<  <  ج: ص:  >  >>