للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

هفواته، ومن أسباب زوال ملكه، بل وبعث أيضًا بعد ذلك تمُر الحاجب، وبرقوق، وتغري بردي طَطَر، وقانِبَاي، وآخرين، وهم الذين كانوا معه بالمخبأة في ليلته تلك. وكان الرأي أن ينزل هو إليهم بنفسه ومعه أمراؤه ويركب أيديهم في سلطنة غيره، أو ينزل إلى باب السلسلة، فكانوا بالضرورة إذا طلعوا ووجدوه به هابوه أن يبايعوا غيره، لكن القضاء أغلب. ولما انضمّ من نزل إلى الأتابك قايتباي أخذوه وطلعوا به إلى باب السلسلة، ولم يتمّوا متوجّهين إلى القصر في حالة صعودهم، بل عرّجوا إلى جهة الحرّاقة بباب السلسلة وقايتباي معهم، وطالبوه بأن يتسلطن، واحتجّوا بأن تمربُغا قد طمع فيه، وأنه خُلع من المُلك، وما قدر على المدافعة، وليس من الناموس تبقيته في المُلك. وأنزلوا الأتابك المذكور بالحرّاقة، وأجلسوه بمقعدها، وكانت الأشرفية الكبار والصغار قد اتفقوا على سلطنته وبيّتوا ذلك على ما قدّمناه.

ويقال إنّما حدث ذلك بعد الدخول إلى باب السلسلة، واللَّه أعلم بالحقيقة.

[[حبس خيربك]]

ثم تكاثروا على الأتابك قايتباي. كل ذلك والظاهر تمربُغا جالس بالقصر على المدوّرة في مرتبة السلطنة، والناس طلوع إليه أفواجًا أفواجًا وزُمَرًا لتهنئته بالسلامة والنجاة من هذه الكائنة والورطة، ولا علم عنده ولا عندهم بما هو صائر بباب السلسلة، وكان خيربك في أثناء ذلك واقفًا بين يدي السلطان تمربُغا، حتى حضر إنسان من الخاصكية يقال له تَنَم الأجرود (١) الظاهري لأجل تهنئة السلطان، ورأى خيربك وهو واقف بين يديه، فحنق منه حين وقوع بصره عليه، وحطم عليه طالبًا قتْله أصلًا ورأسًا، فمنعه السلطان من ذلك، ثم أمر بحبس خيربك المذكور بداخل الخرجة، فحُبس بالمخدع الصغير بمقعدها ووكّل به (٢).

واستمرّ السلطان على ما هو عليه من جلوسه بالقصر، والناس تحضر إليه للتهنئة أرسالًا، وهو في انتظار طلوع الأتابك إليه، ولم يخطر ببال أحد، ولا توهّم أن قايتباي هذا يتسلطن في هذا اليوم. ولما أنزلوا الأتابك المذكور بمقعد الحرّاقة أخذ من كان معه من الأمراء والعساكر والأعيان، وكان قد طلع في


(١) لم أجد لتنم الأجرود ترجمة.
(٢) خبر حبس خير بك في: التاريخ الغياثي ٣٦٢، والضوء اللامع ٣/ ٢٠٨، ٢٠٩ رقم ٢٨٢، ووجيز الكلام ٢/ ٨٦١ رقم ١٩٧١، والذيل التام ٢/ ٢١٠، ونيل الأمل ٦/ ٣٠٩، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٨١٢، وحوادث الزمان ١/ ١٨١، وبدائع الزهور ٣/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>