للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلطان عشرة آلاف درهم في الشهر يأخذها على أقساط (١)، ولم يُقطِعه شيئاً من الأقاطيع، فأكل هذه الجامكية مدّة وهو في مقام الأمراء العشرات، بل فوق الكثير منهم في حَشَمه وخدمه وشؤونه (٢) وثروته. واتصل بالسلطان، بل وبكثير من أكابر الأمراء. ولم يزل السلطان ينبسط إليه، ويُظهر هو له التمسخُر والبجاحة ويُضحكه دائماً في الملأ (٣) العام من الأمراء وغيرهم بدُعابته، ويعجب السلطان وغيره ما يُبديه من ذلك التمسخر والدُعابة. ودام على ذلك إلى أواخر سنة تسع وثمانين. فلما عرض السلطان الجيش لأجل ما يقال إنه يسافر أو نحو ذلك، فقطع من جامكية جقمق هذا أربعة آلاف وأبقى معه ستة، وقال له: امشِ على نحو ما يكفيك من هذه الستة آلاف، فحصل عنده بذلك تشويش بالغ، وهو باقٍ على هذا، بل وعين السلطان ناظرة إلى قطع الكل من جامكيّته فيما أُخبرتُ.

وجقمق هذا إنسان حسن، خفيف الروح، كريم النفس، يحب أهل العلم ويعظّمهم جدّاً، وله ثروة وبعض أملاك، وعنده حسن معاشرة وحلاوة مذاكرة.

وهو ممن جاوز الستين (٤) سنة. سامحنا اللَّه تعالى وإيّاه.

[[شهر شعبان]]

وفيها استهلّ شعبان بالسبت، وطلع القضاة للسلطان فهنّأوه (٥) بالشهر في هذا اليوم من هذا الشهر.

[إنتهاء عمارة السبيل بالقشّاشين]

وفيه - أعني هذا اليوم - كان نهاية عمارة السبيل الذي أنشأه السلطان بخُط القَشاشين (٦) من تحت الربع، ولعلّه أول عمايره التي من نوع البِرّ والمعروف، وجاء سبيلاً هائلاً حسناً، لعلّه ما وُضع قبله مثله، وبُني عليه المكتب المعظّم للسبيل، وحصل به النفع في ذلك الخُط (٧).

[عودة يشبُك الدوادار من الصعيد]

وفيه، في يوم الإثنين، رابع عشرينه، وصل يشبك الدوادار من بلاد الصعيد


(١) في الأصل: "البساط".
(٢) في الأصل: "شونه".
(٣) في الأصل: "الملاء".
(٤) في الأصل: "جاوز الستون".
(٥) في الأصل: "فهنوه".
(٦) في الأصل: "العشاشين".
(٧) خبر عمارة السبيل في: نيل الأمل ٦/ ٤٠٩، وبدائع الزهور ٣/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>