للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غالب البلاد من الرزق والأقاطيع وخراب بلاد المقطَعين وغيرهم، بسبب جور العربان وعدم من يقمعهم ويردعهم ويردّهم عن الرعايا.

وبالجملة، فكانت أحوال غالب الناس، بل لعلّ الجميع غير مسدّدة ولا مؤيَّدة، والأمور بيد اللَّه يفعل ما يشاء ويختار، ولا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، وهذا كلّه مع الإرجاف بمجيء الطاعون، لا سيما وهو فاشٍ ببلاد الإسكندرية، ومات به الخلق الكثير منها ومن أحوالها وما دونها أيضاً، وكانت هذه الأيام من أصعبها على الأنام، والناس عمّالون في ذكرهم الانقسام [الذي] بذله الأشرف قايتباي هذا (١).

[[شهر ربيع الثاني]]

وفيها استهلّ ربيع الثاني بالأربعاء، وطلع القضاة يهنّؤون (٢) السلطان بالشهر هم ومن له عادة بتهنئته.

(ماجريّة نجم الدين القرمي) (٣)

وفيه، في يوم السبت، رابعه، كانت ماجريّة شيخنا العلّامة الشيخ نجم الدين إسحاق بن إسماعيل بن إبراهيم القَرْمي الإمامي الحنفي، شيخ المدرسة القانِبَائية بسُويقة عبد المنعم وقاضي العسكر، وهي ماجرية مع جانِبَك من طَطَخ الأميراخور الكبير، وكان من خبر هذه الماجريّة أن المدرسة القانبائية المذكورة كان شيخنا المذكور يسكن بها، وهي من المدارس التي تقام بها الجمعة مع صِغرها جدّاً، فكانت تضيق الناس في وقت الصلاة، ولم تزل على ذلك، ولما يكون يوم الجمعة تفتح القبّة التي أعدّها الواقف مدفناً لنفسه يُدفن بها، ليتفسّح الناس من المصلِّين بها، ويتّسع المكان بها بعض اتساع، بواسطة الصلاة بالقبّة المذكورة، والضيق مع ذلك موجود، وبهذه القبّة صندوق خشب كبير سُجّي بثوب خليفتي، أحدثه بالقبّة المذكورة بعض النسوة من جهة الواقف، أظنّ زوجته، وذلك بعد موت الواقف، وأخذ هذا الصندوق من القبّة مقدار ما يجلس به أربعة نفر أو فوق ذلك، وليس هو من وضع الواقف بالمكان، بل وليس الواقف أيضاً ممن دُفن بالقبّة المذكورة، بل يقال إن بفسقية هذه القبّة جلدة رأسه فقط، فإنه قُتل بدمشق، وأُحضرت هذه الرأس إلى القاهرة، وذفنت بهذه القبّة، فاتفق أن استفتى شيخنا المذكور جماعة من


(١) خبر خروج ربيع الأول في: إنباء الهصر ٣٣، ونيل الأمل ٦/ ٣٥٣، وبدائع الزهور ٣/ ٢٤.
(٢) في الأصل: "يهنون".
(٣) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>