للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القلعة عِوَضه، ووُلّي برسْباي حجوبية دمشق عوضاً عن سُودون النوروزي بحكم وفاته على ما سيأتي ذلك في ترجمته في وفاته (١).

(النزول على رودس) (٢)

وفيه، في يوم الخميس رابعه، سافر الغُزاة المتقدّم ذِكرهم من ساحل الإسكندرية ودِمياط متوجّهين إلى جهة طرابلس فتجمّعوا بها، وساروا منها في هذا الشهر حتى وصلوا إلى ردوس ونزلوا على برّها بالقرب من المدينة، ونصبوا خيامهم بأحوازها، ووجدوها مستعدّة للقتال استعداداً هائلاً، من ترميم عمائرها وأسوارها وأبراجها وتحصينها بآلات الحصار والسلاح والمقاتلة. وكان سائر طوائف الفرنج من سائر البلدان قد أمدّوا رودس لما علموا بقصدها المسلمين، وأعانوهم بأشياء كثيرة ما بين سلاح ومقاتلة وغير ذلك، فشرع المعكسر الإسلامي المجهّز إليهم في حصارها بكل ما تصل إليه قدرتهم ونصبوا عليها المناجيق والمكاحل ورموا على أبراجها، ودام القتال أياماً، وهي لا تزداد إلّا قوّة لشدّة مقاتليها وما قدّمناه من استعدادهم.

وكان المسلمون قد افترقوا فرقة في البحر على المراكب لأجل حفظها، والمقدَّم عليهم يلْخُجا من مامش الناصري المتقدّم ذِكره رأس نوبة ثاني، والأمير إينال العلائي مقدَّم العسكر بالبرّ مع الفرقة العظمى المقاتلة لأهل رودس، وفرقة أخرى من العسكر متفرّقة في جزيرة رودس ينهبون قراها وبساتينها، ويأسرون من يجدون. ودام الحال والقتال أياماً كثيرة، وقُتل من الطائفتين خلق كثير وجمع وافر غزير. وبيّت يلخُجا تقدّم العسكر البحري وما في مراكبه هو وأصحابه، وإذا بعدّة كثيرة من المراكب الفرنجيّة قد هجموا على مراكب المسلمين، ووقع بينهم القتال الشديد إلى أن نصر اللُّه تعالى جنده المسلمين وخذل أعداءه الكافرين وهزمت (٣) مراكب الفرنج، وحصل للمسلمين منهم بعض غنيمة. وأمّا رودس فعفي ما هم عليه، والقتال عمّال في كل يوم وهم على ما هم عليه من الشدّة وإظهار الجلادة، والمسلمون بعساكر في غاية الاجتهاد ومما هم بصدده من الحصار والمقاتلة، وكان ما سنذكره (٤).


(١) خبر ولاية المحمدي في: حوادث الدهور ١/ ١٠٥، والتبر المسبوك ٩١ (١/ ٢٠٩)، ونزهة النفوس ٤/ ٣٠١، ونيل الأمل ٥/ ١٨٨.
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) في الأصل: "وهزامت".
(٤) خبر رودس في: النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٦٠ - ٣٦٣، ووجيز الكلام ٢/ ٥٩٤، والتبر المسبوك ٨٨، ٨٩ (١/ ٢٠١)، ونيل الأمل ٥/ ١٨٨، وأخبار الدول ٢/ ٣١١، ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>