للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبها نشأ فحفظ القرآن العظيم وكُتُباً، وأخذ عن جماعة منهم والده، وسمع الحديث على جماعة.

وكان ذكيّاَ، يقِظاً، حاذقاً، فطِناً، حادّ الذهن، وأسلافه مشهورون، ولم يزل مجتهداً مُجِدّاً في الاشتغال حتى برع وشُهر، وولي خطابة مكة عن أبيه، وجرت له أمور يطول الشرح في ذِكرها، وقطن بأخرة بالقاهرة إلى أن بَغَتَه بها أجله مطعوناً.

وكان إنساناً حسنأ، عالماً، فاضلاً، خيّراً، ديّناً، كريماً جداً، سمح الأيادي، ذا همّة عالية وشهامة وشهرة، وبُعد صِيت، وحُسن سمت وملتقى.

تصدّر بالقاهرة لنفع الطلبة مدّة إقامته بها، وانتفع به جمع جَمّ، ورُشح مرة للقضاء الأكبر بمصر، بل لعلّه سُئل بذلك فامتنع .. وكان من نوادر الزمان، وقصده الشعراء ومدحوه.

ومما أنشدنيه الأخ أبو الفضل في مدح المذكور، لنفسه، وسمعته منه في رجب سنة سبع وثمانين:

سألت حُداةَ العِيس: أين تُيمّموا … مَطَاياكم يا ظاعنين عن الأهلِ

فقالوا: إلى بحر العلوم ومن غدا الـ … شرفان خطيباً في محاسنه علي

وفاض على كل الورى نورُ فضله … وليس عجيباً (١) فيضُها من أبي الفضلِ

توفي في يوم الخميس ثالث عشرين شهر رمضان.

وكانت جنازته حافلة جدّاً، ودُفن بتربة زوجته با () (٢)، وكان هو قد أوصى أن يُدفن بداخل مقام الإمام الشافعي في القبّة، واستُؤذن السلطان على ذلك فأذِن له. ثم حصل بسبب ذلك قالٌ وقيلٌ من كثير من العلماء، وكادت أن تقوم فتنة، وتكلّم الكثير من الناس والمجاورين والخَدَمة بقبّة الشافعي حتى عُدل عن دفنه به، ودُفن بالمكان الذي قلناه.

(ترجمة الإمام الشمس الشرواني) (٣)

٥٣٧ - محمد بن مرهم (٤) بن () (٥).

الشيخ الإمام، علّامة الأنام، نادرة الأيام، النحرير، الهُمام، البحر، الحَبْر،


(١) في الأصل: "وليس عجيب".
(٢) في الأصل: "بالذنكرنه". ولم أتأكد من صحتها.
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) في الضوء اللامع: "مراهم"، وفي إنباء الهصر ٩٢ فراغ في الأصل، أثبت فيه محققه د. حسن حبشي اسم "إبراهيم" وهو غير صحيح.
(٥) بياض في الأصل مقدار كلمتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>