للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأولادهم وذراريهم، وأخرب عدّة من البلاد بالشرق من الوجه القِبلي، وحمل معه من نسائهم فوق الأربعمائة امرأة في مراكب معه، وحضر بهنّ إلى القاهرة، فأُنزِلن بساحل بولاق في وكالة الأتابك قانَم، وهنّ في غاية القلّة والجوع، بعد أن مات منهنّ عدّة كثيرة، لعِظَم ما حلّ بهنّ من الرزيّة والبرد والجوع، ولما أُنزلن في وكالة قانَم المذكورة حنّ بعضٌ من أهل الخير على هؤلاء المساكين، فأحضر لهنّ من الفول قدراً جيّداً، ورماه بينهنّ صحيحاً (فنقلنه) (١) في الحال، وأكلْنه كما هو من شدّة ما هنّ فيه من الجوع والاحتياج إلى القوت. ثم شرع أهل الصدقات في التصدّق عليهنّ بقدر حالهم، ودُمن على ذلك مدّة، وما عُلم ما الغرض من إحضار النسوة وحبْسهنّ، وأعيب ذلك على يشبُك المذكور، وكثُر الدعاء عليه بسبب ذلك، على أنه حصل من أهل هؤلاء النسوة الفساد الكبير بعد رحيل يشبُك عنهم، فإنهم عادوا إلى السواحل وعاثوا فيها، وأخذوا بعض المراكب المنحدرة إلى القاهرة، ونهبوا ما فيها من الغِلال وحرّقوها، وفعلوا أفعالاً شنيعة مثل ذلك بعدّة من المراكب، وحصل بواسطة ذلك غاية النكد والضرر على الناس، وارتفع بهذا المقتضى سعر الكثير من الغلال، ولم يحصل بخروج يشبُك من الفائدة، غير إراحته الخلق من عطاء الله بن جامع (٢)، فإنه قبض عليه وقتله وسلخه، وكان من كبار المفسدين بتلك النواحي، نعم، وقتل جماعة أخرى من شرار بني هلبا ونهبهم، لكن بعد خراب عدّة بلاد، والتشويش على كثير من العباد، بما لا مصلحة فيه، ولا في التشويش على من شوّش عليه، لا سيما النسوة اللاتي أحضرهنّ فإنه أضرّ بحالهنّ. وللَّه الأمر (٣).

[[تفرقة الجامكية بالإيوان]]

وفيه، في يوم الخميس، ثامن عشرينه، أمر السلطان بتفرقة الجامكية بالإيوان على العادة الأولى كما كانت، ولم يحضر السلطان تفرقتها في هذا اليوم.

[[نزول السلطان إلى بركة الحبش]]

وفيه طلب السلطان مركوباً بعد فراغ الخدمة، فركب ونزل من القلعة متوجّهاً إلى جهة بركة الحبش، ومعه جماعة من خواصّه، وبعث إليه القاضي زين الدين


(١) عن الهامش.
(٢) لم أجده.
(٣) كائنة بني هلبا في: إنباء الهصر ٤٤، ٤٥، ونيل الأمل ٦/ ٣٥٧، وبدائع الزهور ٣/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>