للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه، وذلك لكونه عدوًّا للظاهرية على زعمهم، إذ ليس هو من طائفتهم بل من طائفة أعدائهم، على أن إمرة سلاح مات صاحبها قتيلًا وشغُرت حقيقة، فكان يمكن تقرير أُزبَك فيها وانتظار جانبك بالأتابكية، فإنه لما أُطلق وقدم القاهرة قُرّ في إمرة سلاح ما على سيأتي، وهذا عين الغرض والتصرّف له لا بالإنصاف الذي جرت به عادة الملوك في رسومهم وقواعدهم (١).

[وصول رِمّة الخَوَنْد فاطمة بنت الأشرف إينال إلى القاهرة]

وفيه، في يوم السبت، تاسع عشرينه، وصل إلى القاهرة رِمّة الخَوَند فاطمة ابنة الأشرف إينال وأخت المؤيَّد أحمد وزوجة يونس الدوادار، وكانت قد ماتت بالإسكندرية بالطاعون، فجُهّزت وأُخرجت جنازتها إلى مصلّى سبيل المؤمني، ونزل السلطان فحضر الصلاة عليها، وحُملت إلى تربة أبيها بالصحراء فدُفنت بها (٢). وستأتي ترجمتها إن شاء الله تعالى.

[[توقف إنفاق الجوامك على أولاد الناس]]

وفيه، أعني هذا الشهر، لم ينفق السلطان على أولاد الناس جوامكهم المرتّبة لهم بالديوان، ولا على من له جامكية بالديوان من الفقهاء والمتعمّمين ومُضافي أعيان الدولة، وتوقف السلطان في الإنفاق على الجميع، ولم ينفق سوى على من جرى عليه الرق وعُتق من المماليك فقط، ثم وقف له جماعة من قطع يتظلّمون له من ذلك ويشْكون من قطع أرزاقهم، فوعدهم بأنه إذا تمّت نفقة المماليك فإنه ينفق عليهم، ثم كلّمه الأعيان في ذلك، وخوّفوه عاقبة الدعاء عليه بسبب قطع الرزق، فأجاب بأنه سينفق عليهم في ثاني الشهر الآتي، وصار كلّما كُلّم في ذلك من الأعيان يأخذ في إبداء الأعذار بسبب شاه سوار وغلاء الأسعار، لا سيما والبحر قد نزل سريعًا، وهو دليل على تشريق الكثير من البلاد، وخصوصًا الخزائن لا محصول بها، وأخذ الأعيان في تخفيف ذلك عليه وتهوينه لديه (٣)، وهو مع ذلك لا يرعوي ولا ينظر في قوله عليه السلام: "اللهمّ من ولي أمرًا من أمور أمتي فرفق بهم فارفق اللهمّ به ومن شدّد عليهم فشدّد اللهمّ عليه"، ولم يرض لنفسه أن يكون ممن دعا له النبي عليه السلام بأن يرفق به الله، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.


(١) خبر نيابة طرابلس في: إنباء الهصر ١٥، ونيل الأمل ٦/ ٣٤٣، وحوادث الزمان ١/ ١٨٤، وبدائع الزهور ٣/ ١٩، وتاريخ طرابلس ٢/ ٥٣ رقم ١٢٨ ومات (قانصوه اليحياوي) في سنة ٩٠٢ هـ.
(٢) خبر وفاة الخوند فاطمة في: نيل الأمل ٦/ ٣٤٥.
(٣) خبر توقف الإنفاق في: إنباء الهصر ١٦، ونيل الأمل ٦/ ٣٤٥، وبدائع الزهور ٣/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>