للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ببعض المقاثي (١) بالجزيرة المذكورة، فردّه بعض الحرّاس بالمقاثي (٢)، فوقع بينهما معارضة ومغايظة، وضرب المملوك الحارس، حتى يقال إنه مات من ذلك. ولما بلغ أهل الجزيرة ذلك ثاروا بأجمعهم ثورة رجلٍ واحد لما رأوا ما حلّ بصاحبهم، فتحاملوا على الفاعل لذلك، ووقع بينهم ضرب وخبْط، وثارت فتنة كبيرة، اتفق فيها فراغ أجل ذلك المملوك، فمات من ضربهم، فقامت قيامة المماليك الجُلبان لهذا الشأن، فقصدوا مصر بعد تحزّبهم في هذا اليوم، وفعلوا ما ذكرناه، وبلغ السلطان ذلك، فمال مع مماليكه، وراعى جانبهم، وأمر والي الشرطة أن يحصّل له من فعل ذلك، فغار الوالي على مصر، ثم أحضر ثلاثة نفر من أعراض الناس لا دخْل لهم في هذه الكائنة. وكان الذي قد قتل فرّ هاربًا من جهته لجهة البلاد القِبلية بالصعيد، فاختشى الوالي بأن يحضر لا بغير أحد معه، لا سيّما وقد أكّد عليه السلطان، فأخذ هؤلاء الثلاثة الأنفار وجدهم بالجزيرة وهم مظلومون، فأحضرهم إلى السلطان ليسدّ مخزومته معه، فلما (٣) وصل بهم لحضرة السلطان شهد جماعة بأن هؤلاء ليسوا من القاتلين ولا يقربون لهم، ولا كانوا في الثائرين فضلًا عن غير ذلك من القتل أو نحوه، فلم يلتفت السلطان لذلك، وأمر بالثلاثة فوُسّطوا في الحال بعد أن قطّع أيديهم. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، إنا للَّه. وحصل التأسّف الشديد من المسلمين على هؤلاء المساكين، وأُعيب ذلك على السلطان، لا سيما وقد قطع أيديهم. وكان ذلك في يوم السبت خامس عشرينه.

ثم أخذ السلطان بعد ذلك في ردع الجُلبان وأمرهم بأن يردّوا ما نهبوه، وندب مملوكه خيربك الخازندار الذي وُلّي الدوادارية الكبرى، وتسلطن ليلة على ما سيأتي، بأن يتوجّه إلى مصر لعمل مصالح من نُهب منهم، ولم يحصّل لهم من ذلك الربع مما أُخذ لهم، وللَّه الأمر (٤).

[سفر القصيري رسولًا لابن عثمان]

وفيه، في يوم الإثنين، سابع عشرينه، خرج نور الدين علي القصيري الشريف (متوجّهًا) (٥) في الوسيلة لابن عثمان.


(١) في الأصل: "المقاث".
(٢) في الأصل: "بالمقاث".
(٣) كتب بعدها في أول الصفحة التالية: "ولما"، وهو سهو وتكرار من المؤلّف -رحمه اللَّه-.
(٤) كائنة النهب في: نيل الأمل ٦/ ٢٠٩، ٢١٠، وبدائع الزهور ٢/ ٤٢٨.
(٥) مكرّرة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>