للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إينال الأشقر مع شاه سوار، وأخبرا (١) بأنه لما قبض عليه كان قد أُثخن بالجراح، وآل به ذلك إلى الموت، فحزّت رأسه، وبُعث بها إلى القاهرة إيذانًا بالنصر، وأُرسل صحبة هذه الرأس رأسان أُخريان، ذُكر أنهما من رؤوس (٢) أتباع شاه سوار. من أعيان جماعته، فطيف بهذه الرؤوس (٣) القاهرة ثم عُلّقت على باب النصر عدّة أيام كثيرة. وأخبر النجّابان بأن العساكر في إثْر شاه سوار المذكور، وأنهم عانوا ببلاده، وهم غائرون بها، آخذون في نهبها وتخريبها، تابعوه إلى حيث توجّه، فسُرّ السلطان "بهذه الأخبار، وظنّ الاقتصار، وأُعقِب الخبرُ بالإنكسار، وظهور العدوّ عليهم.

[سفر السلطان إلى جهة البُحيرة]

وفيه، في ليلة الأحد، سادس عشره، نزل السلطان ليلًا بعد صلاة العشاء الآخرة، مسافرًا إلى جهة البحيرة، وعدّى النيل من ساحل بولادتى، وسار من آخر الليل، ولما تسامع العسكر بذلك في صبيحة هذا اليوم تبعوه شيئًا فشيئًا أرسالاً، ولم يدر أحد من المسافرين ولا المقيمين إلى أين قصد السلطان، وما مُراده من هذا السفر، وأخذ الناس، ولا سيما العوام، في القال والقيل، والكلام بأنواع من الأشياء التي لا فائدة في ذِكرنا لها، حيث ظهر الأمر بعد ذلك بخلاف ما قالوا. وتوجّه معه من مقدّمين (٤) الأُلوف: برقوق الناصري (٥) الظاهري خُشداشه، الذي وُلّي نيابة الشام بعد ذلك، وسار السلطان في سفرته هذه بعسف وعنف زائد، بحيث خرج في ذلك عن الحدّ حتى هلك الكثير من الخيول لسُرعة سيره، وأخذ يجدّ في سيره، إلى أن وصل إلى المكان المعروف بالنُجَيْلة، وكان به يشبُك من مهدي الدوادارد فاتّفق أنْ طرقه ليلًا وهو نائم على حين غفلة وعدم شعور بمجيئه، حتى رعد منه يشبُك، واستراب لذلك لما رآه، وأقام هناك يومين بلا فائدة ولا عائدة، ولا نتيجة بروع مفسد، ولا بتّ أمرأ (٦) من الأمور التي فيها صلاح الراعي والرعية، فما كانمت إلّا سفرة ترمي لأغراض نفسانية، لا طائل لناموس المُلك تحتها، بل فيها كسر الناموس.


(١) في الأصل: "واخبر".
(٢) في الأصل: "الروس".
(٣) في الأصل: "الروس".
(٤) الصواب: "من مقدَّمي".
(٥) توفي (برقوق الناصري) في سنة ٨٧٧ هـ. انظر عنه في: الضوء اللامع ٣/ ١٢ رقم ٤٩، ووجيز الكلام ٢/ ٨٤٤ رقم ١٩٣١، والذيل التام ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧، ونيل الأمل ٣/ ٥٩ رقم ٢٩١٨، وإعلام الورى ٦٨ - ٧٠ رقم ٦٧، وبدائع الزهور ٣/ ٨٣.
(٦) في الأصل: "امر".

<<  <  ج: ص:  >  >>