للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذوي القلوب، والخِيَم وراءهم، فأدركوا منهم عدّة قبل دخولهم إلى ردوس

ووضعوا فيهم السيوف وقتلوا منهم جماعة. ويقال مع ذلك إن عدّة قتلى الفرنج

كانت تزيد على قتلى المسلمين، فانظر إلى هذه البركة، نصر الله الإسلام ووصل

علوّه ببقاء أهل الذائدين (١) عنه أبدالاً بدين إلى يوم الدين يا رب العالمين. ولا زال

يعلو بصوته منصوراً بدولته ولا يُعلَى عليه ثم لم يزل العسكر منازلاً (٢) هذه البلدة

ومحاصرها والقتال مستمر في كل يوم وهي لا تزداد إلّا قوّة وشدّة

وحصانة إلى أن كان ما سنذكره (٣).

[[شهر جمادى الآخرة]]

[نيابة مَلَطْية]

وفيه في جمادى الآخرة - وأظنّه يوم الإثنين ثانيه - استقرّ قانصوه النوروزي في نيابة مَلَطية عِوَضاً عن قزطوغان الذي تقدّم خبر ولايته لها عن الوالد، وعاد قزطوغان إلى أتابكية حلب، عوضاً عن الوالد (٤).

[سجن والد المؤلّف]

وصرف الوالد وحُمل إلى سجن قلعة حلب مقيَّداً فسُجن بها بغير جرم ولا ذنب إلّا مرافعة نائبها قانِباي الحمزاوي، وكان بغض من الوالد لما قدّمنا ذِكره من مداخلته وأمره له بالمعروف وإقامة ناموس الشريعة والشفاعة في مظلوم يظلمه قانِباي هذا، فما أحبّ منه ذلك ووسع الحيلة في إبعاده عنه وفساد صورته عند الظاهر فكاتبه يشكو إليه من الوالد، ومن جملة ما عده عليه من الذنوب أنه لما ورد إلى حلب أتابكاً بها لم يدخلها حتى نزل بظاهرها، وعُمل له الموكب، ودخلها دخلة هائلة، وسناجقه منشورة، وطبوله وزموره ونقّاراته وبوقاته عمّالة تضرب، واجتاز على باب قلعة السلطان بحلب وهو على تلك الهيئة، وما تأدّب ولا احتشم. وكان الظاهر إذا ألقى إليه الشيء أصغى إليه، فظنّ أن ذلك من الذنوب لعدم تأهّله أن ذلك من لوازم قيام ناموس السلطنة، وأنه العادة المستمرة، فاستشاط من ذلك وحنق، وأمر به فصُرف وكتب بسجنه مقيّداً بقلعة حلب، ففعل به ذلك وهو لا يعلم


(١) في الأصل: "الرابرين".
(٢) في الأصل: "منازل".
(٣) خبر وقعة المسلمين في: النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٦٣، ووجيز الكلام ٢/ ٥٩٤، والتبر المسبوك ٨٩ (١/ ٢٠٢)، ونيل الأمل ٥/ ١٨٨، وأخبار الدول ٢/ ٣١٢.
(٤) خبر نيابة ملطية في: التبر المسبوك ٩٣ (٩/ ٢٠١)، ونيل الأمل ٥/ ١٨٩، ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>