للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالعقوبة، وحُبس أياماً، ثم أُطلق بعد أن صودر على ألفي دينار، حملها للسلطان على يد يشبُك المذكور، وخلّص وتوجّه إلى داره وهو مستشرف للوزارة وعينه فيها، ورُشح لها قاسم شُغَيْتة. ثم كان بعد ذلك ما سنذكره (١).

(تفرقة الجامكية على أولاد الناس وما جرى في ذلك) (٢)

وفيه، في يوم الخميس، حادي عشره، فُرّقت جامكية أولاد الناس ومن قدّمنا ذِكره ممن كان قد قطع السلطان جوامكهم في الشهر الماضي، على ما عرفتَ ذلك، وجلس السلطان بالدّكة بالحوش، وفُرقت عليهم بحضوره، بعد أن أحضر السلطان عنده ثلاث قُسِيّ بعضها أقوى من بعض وأشدّ، وصار كلّما دُعي باسمٍ لقبض جامكيّته يخرج من الحلقة ويتقدّم لأخذ ماله من الجامكية، فيشير إليه السلطان بالمجيء إليه، فيقرب منه فيناوله فرساً من الثلاثة ويأمره بجذبه، فإنْ جذبه كتبه إلى تجريدة سوار، وإن لم يجذبه ألزمه بحمل مائة دينار رغماً منه أنه يقيم بها بديلاً عنه للتجريدة، هذا إذا كانت جامكية ذلك الإنسان ألفَي درهم نُقرة كجامكية المماليك وإن كانت ألفاً وخمسمائة ألزمه بخمسٍ وسبعين ديناراً، وإن كانت ألفاً واحدة ألزمه بخمسين ديناراً، وإن كانت أقل من ذلك لا يتعرّف له، وأمره بقبض ذلك والإنصراف، ودام على ذلك حتى انتهت التفرقة، وشقّ ذلك على الكثير من هذه الطائفة، وحصل عند الكثير منهم كسْر الخاطر والتشويش (٣) والنكد الذي ما عنه مزيد، فإن فيهم العاجز والفقير، وكثُر الدعاء على السلطان في هذا اليوم بسبب ذلك، وفشا ذلك على الإشهار، وشُنّعت القالة في حقّه، ووقع في ألْسُن الناس، وطلب الكثير من أولاد الناس ترك جامكيّتهم ليَسْلموا من لزوم المائة دينار، ولم يقبل السلطان بذلك ممن أراده، وحصل على الناس في هذا اليوم ما لا خير فيه، والسلطان يدّعي ويزعم أن الذي يفعله غاية الرأي والمصلحة، بل والدين، والمخلّص عند اللَّه تعالى، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، كيف وقد قال عليه السلام: "إنما تُنصرون وتُردزقون بضعفائكم"، فأين من يعمل بهذا، أو أين من يسمعه ويعرفه ليكون منصوراً مرزوقاً (٤)؟


(١) خبر القبض على الأهناسي في: إنباء الهصر ٢٠، ونيل الأمل ٦/ ٣٤٧، وبدائع الزهور ٣/ ٢١.
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) في الأصل: "السومر".
(٤) خبر تفرقة الجامكية في: إنباء الهصر ٢٠، ٢١، ونيل الأمل ٦/ ٣٤٨، وبدائع الزهور ٣/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>