للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الموت. ولم يكن المعتدي عليه سوى اليهوديّ الذي عطف عليه وهو بطرابلس الغرب، وساعده في ضمّ ابنه إليه، وهو المدعو "عبد الرحمن"، وكان نزل غَرناطة أيضًا، وادّعى أنه عارف بالطبّ، وأخذ يترفّع على علمائها وأهلها، حتى ضاقوا به ذَرْعًا، وعندما نزلها المؤلِّف بعد أيام، سُئل عنه، فلم يعرفه، لانقطاع أخباره عنه مدّة طويلة، ولم يتوقّع أن يكون في غَرناطة، وعندما وُصف له بدقّة عرف أنه هو، فحذّرهم منه، وأخبرهم بخيانته له، وأنه يهوديّ منافق يدّعي الإسلام، وعرف اليهوديّ أيضًا به، فكمن له في أحد الأزقّة الضيقة، وضربه بالسيف يريد قطْع رقبته، فأخطأها، ووقع المؤلّف أرضًا من هول الصدمة، فظنّ اليهوديّ أنه مات، ففرّ هاربًا، وعندما علم ببُرئه بعد ذلك من جراحه، تأكد أنه لن يكون آمنًا، بعد أن دُلّ عليه، ففرّ إلى بلاد الفرنج مرتدًّا عن دينه. وعُلم فيما بعد أن أحد أسرى المسلمين لدى الفرنج تمكّن منه، وقتله بعد أن وقف على أعماله المشينة، دون أن يعرف المؤلّف أو يلتقيه، ونجا الأسير بنفسه إلى بلاد المسلمين (١).

وعاد المؤلّف من غَرناطة إلى مالقة في أواخر جمادى الآخر ٨٧٠ هـ. بعد أن تماثل بعض الشيء إلى الشفاء.

في وَهران:

وفي يوم الإثنين مستهَلّ شهر رجب ركب البحر عائداً إلى وهران مع صاحبه التاجر الرُمَيْمِي فدخلها في الرابع من رجب، وكان يريد متابعة السفر إلى تونس، ولكنه كان مُجهَدًا، فأشار عليه بعض أصحابه بالراحة والإقامة في وهران (٢). وفي أثناء ذلك حصل له بعض التوجّه إلى الزهد والتنسّك، وكان لما عاد من الأندلس إلى وهران، قد حصّل جملة من الكتب من تلك البلاد وغيرها، مما كان معه من كتبه نحو الأربعين مجلّدة، وقفها بزاوية "التازي"، وضيّع جميع أوراقه، وغسل الكثير منها، وضاع ما كان متعلّقًا بالشيوخ، والذي ذكره في كتبه لفّقه من فكره بعد ذلك بنحو العشرين سنة (٣).

ويوم الأحد ١٤ من رجب ٨٧٠ هـ. زاره عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بابن النجار نيابة عن أبيه عبد الرحمن، مدبّر مملكة تلمسان، ونقل إليه سلام والده وأنه بلغه ما أصابه من اليهودي في غرناطة، وقدّم له تحياته وأسفه على ما حدث


(١) الروض الباسم ٣/ ورقة ١١٣ ب، ١١٤ أ.
(٢) الروض الباسم ٣/ ورقة ١١٥ أ.
(٣) المجمع المفنّن، ج ١/ ٢٤٣ - ٢٥٧، الترجمة رقم (١١٢) "إبراهيم بن محمد التازي".

<<  <  ج: ص:  >  >>