للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المغرب في وقته، فأنِس به، وسمع الكثير من فوائده. واجتمع أيضًا بأبي عبد الله محمد بن الترعة، قاضي مالقة وخطيبها، فسأله عن ترجمة الشيخ خليل المالكي، لأنه بصدد شرح مختصره، فأطلعه عليها، وكانت عنده من طريق الحافظ ابن حجر، فسُرّ قاضي مالقة بها، وحضر المؤلّف كثيرأ من دروسه وفوائده، لا سيما العربية، فإنه كان آيةً فيها (١).

وفيما كان يوم الأحد واقفًا بباب البحر، إذ بشخص مُريب مرّ فارًّا مسرعًا جدًا في عَدْوه، وكأنه بسرعة البرق، وأعقبه أُناس مسرعون خلفه، مُجدّين في طلبه، فلم يُدركوه، ووصل في هربه إلى بلاد الكُنْد من بلاد الفرنج، فسأل عنه، فقيل إنه تشاجر مع آخر فقتله ساعتئذٍ، ثم سأل عنه بعد ذلك، فقيل له إنّه لحِق بدار الحرب، ودخل تحت حماية الفرنج البرطقال (٢) (البرتغال)، وعرف فيما بعد أنه هو مملوكه اليهوديّ السابق الذي خانه.

وفي شهر صفر توجه من مالقه نحو غَرناطة على البغال، فاجتاز ببلدة تُدعى يكش، ومنها إلى بلد يقال لها الحامة، واغتسل بحمّامها، وبات بها ليلة، ثم سار إلى غَرناطة، ولقي بها جماعة من العلماء والفضلاء منهم: أبو عبد الله محمد بن منظور، وحضر مجلسه أكثر من مرة، وسمع الكثير من فوائده (٣). والتقى فيها بصاحبه التاجر المعروف بالرُمَيْمي، ونزل عنده بمنزله.

وفي ٢٩ من صفر ٨٧٠ هـ صعِد إلى دار الإمارة، بعد أن بعث إليه الأمير أبو الحسن صاحب غَرناطة ليسأله عن أخبار صاحب تِلِمسان، وصاحب تونس، فأخبره، وسأله عن الشام وأحواله، وعن القاهرة وملكها، فأجابه عن كل ما سأل، وكان يُبدي تعجّبه مما يسمعه، ثم أخذ ورقة وكتب عليها بخطه بإعفائه من أيّ شيء يُلزَم به التجار من المغارم، وأكرمه للغاية (٤).

وفي عاشر ربيع الأول زار رَبَض غَرناطة المعروف بالبَيَازِين وشاهد الجامع الأعظم هناك، وعزم على الخروج لرؤية قُرطُبة، ولكنْ حدثَ له ما لم يكن في الحسبان، إذ تلقّى ضربة عنيفة بالسيف، وهو في زنقة الكحيل بغَرناطة، فأصيبت شفته العليا، وأنفه، وخدّه الأيسر، وكُسر ثمانِية من أسنانه، وُفصلت شفته، ثم أعيدت، وخيطت جراحه، بعد أن مكث يُعالج نحو الشهر، وقد أشرف على


(١) الروض الباسم ٣/ ورقة ١١١ ب.
(٢) الروض الباسم ٣/ ورقة ١١١ ب.
(٣) الروض الباسم ٣/ ورقة ١١٢ ب، ١١٣ أ.
(٤) الروض الباسم ٣/ ورقة ١٣٣ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>