للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُهَنّا بن عطية (١)، وحمزة البوقاوي (٢)، وضربهما بالمقارع، ووعد أهل تلك النواحي بأنه لا يولّي عليهم إلّا من ينصفهم. ثم إنه عيّن برقوق أحد مقدَّمين (٣) الألوف، ووعدهم بأنه سيرسله مولَّياً عليهم، كاشفًا على التراب، وينظر في مصالحهم، ويكشف عنهم الظلامات، وأنه يولّيه كشف الرم أيضًا، وأنه يقيم عنه في ذلك نائبًا يرجع في أموره إليه. وكان الذي ناب عنه في كشف الرم جَكَم قَرا، وفعل السلطان ذلك بعد أن حضر إلى القاهرة، وحصل ببرقوق وجَكَم بعض تمهيد للبلاد، وقمعا الكثير من المفسدين. وكان في خروجهما من المصالح ما ليس في خروج السلطان نفسه.

(دخول السلطان للقاهرة وطلوع قاصد حسن إليه برأس بو سعيد ملك العجم) (٤)

وفيه، في يوم الخميس، تاسع عشره، دخل السلطان إلى القاهرة بعد أن ركب في صبح هذا النهار من الريدانية بقماش الموكب السلطاني، وكان تقدّم أمره لقاصد حسن الطويل الماضي خبره، بأنْ يتقدّم السلطان ويجلس بالخانقاة الأشرفية البَرسْبائية، حتى يجتاز السلطان عليه، مظهراً بأنه فعل ذلك معه لتنزّهه وفُرجته، والقصد غير ذلك، وهو إظهار نفسه، وبيان ترتيب مملكته، وأن يرى عساكره، فإنه يوهم من مرسله، لا سيما حين بعث برأس بو سعيد الإشارة به إلى فخامته، بل هالى قوله إنكم إن لم تكونوا معي أفعل معكم كما فعلت ببو سعيد هذا، مع كونه أوسع ملكًا منكم، وأكثر مالًا وجمعًا، وهذا كان مراد حسن، والله أعلم. ومراد قايتباي أيضًا بالقرائن الدّالّة على ذلك، فإنه لما أُحضرت الرأس المذكورة إلى السلطان، وتقدّم المَشَاعلي ليأخذها، لأجل إشهارها بالقاهرة، وتعليقها بباب زُويلة، منع السلطان من ذلك، وأمره بها أن تُدفن، على ما سنذكره. لأنه فهم من مرسِلها ما ذكرناه لك.

ثم لما ركب السلطان من الريدانية سار في موكب حافل جدًّا، وعظمة زائدة، وأُئهة هائلة إلى الغاية، وأُحضرت القبّة والطير، فحملها برقوق على رأس السلطان، لغياب الأتابك في التجريدة، وكان على السلطان الفوقاني الأبيض البَعْلبَكّي بالطرز السود الخليفتي، وهو متقلّد بالسيف بالسّفْط الذهب، راكمث على مركوب من خاصِّ خيله بالسرج الذهب والكنبوش الزركش المعظّم الحافل، وقد


(١) لم أجده.
(٢) لم أجده.
(٣) الصواب: "أحد مقدَّمي".
(٤) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>