للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودخوله إليها، وطلوعه إلى القلعة، واجتماعه بالسلطان، ثم لبس خلعته، من أغرب النوادر التي لم تقع لملكٍ قبله في الدولة التركية، بل ولا غيرها، ثم عُدّ خروجه إلى الحج من النوادر أيضاً التي لم تقع لغيره على هذه الكيفية المخصوصة والصورة المذكورة. نعم وقع للعادل كتبُغا المنصوري ما يقرب من هذا، وهو أنه بعد خلْعه من الملك دخل القاهرة بعد مدّة (١) من ذلك، ومن نيابته لصرخد وحماة، ثم صعِد للقلعة، وسلّم ولد أستاذه الناصر محمد بن قلاوون. على أنه كان خُلع به، وكان ذلك في نيابة سلّار، وتحدّث بيبرس الجاشْنكير، وأظنّ أن ذلك كان بعنايتهما، لأنهما كانا خُشداشي لكتبُغا المذكور، ولكنه عاد ولم يحج بخلاف هذا، فإنه حج ولم يعتن به أحد لذلك، فهذا أقرب، وذاك كان مملوك الأصل مسّه الرق، وجاء لسيّده أمّ ولد سيّده، وأمّا هذا فبالعكس من ذلك، فإنه السيّد وابن (٢) السيّد، جاء لمملوك أبيه وعتيقه.

(ولاية يشبُك من حيدر ولاية القاهرة وترجمته) (٣)

وفيه، في يوم الإثنين، خامسه، استقرّ في ولاية القاهرة يشبُك من حيدر الأشرفي إينال، عِوضاً عن خُشداشه قانِباي الحسني، بحكم وفاته بالطاعون، كما سيأتي في الوفيات.

٤٥٢ - ويشبُك هذا موجود إلى يومنا هذا، باقٍ على هذه الوظيفة، وله بها نحو السبع عشرة (٤) سنة. ولعلّ ما وقع هذا لغيره في هذا القرب. وهو أحد الأمراء العشرات والحجّاب وشادّ الدواوين، مضافاً للولاية. وكان خاصكيًّا (٥) في دولة أستاذه، وتأمّر في دولة الأشرف قايتباي، وقرّر في هذه الوظائف التي ذَكرناها شيئًا فشيئًا، وحسُنت سيرته في الولاية بالنسبة لغيره، وحجّ أميرًا على الركب الأول، ثم على المحمل في ثاني عامه ذلك.

وهو إنسان حسن كثير الأدب والحشمة، قليل الشرّ والأذى في ولايته، لكنْ يُذكر بأنه يأخذ المال ويسكّن الحال، وزادت شرور العبيد، والزُعر في أيامه، لكنْ في بعضهم البعض غالبًا. وهو حَسن الهيئة، منوّر الشيبة، كثير التواضع.

من أبناء ما فوق الستين.


(١) خبر قدوم المنصور في: إنباء الهصر ٦٢، ٦٣، ووجيز الكلام ٢/ ٨٠٠، ونيل الأمل ٦/ ٣٧٠، ٣٧١، وبدائع الزهور ٣/ ٣١.
(٢) في الأصل: "وبن".
(٣) العنوان من الهامش.
(٤) في الأصل: "السبعة عشر".
(٥) في الأصل: "خاصكا".

<<  <  ج: ص:  >  >>