للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلب، ويتأنّى السلطان وينتظر بعد وصول أزدمر إلى حلب ما يتجدّد من الأخبار، فإمّا أن يعيّن بعد ذلك تجريدة أخرى عظيمة فيردف بها هذه، أو يسير هو بنفسه. ثم كان بعد هذا ما سنذكره (١).

[[نزول السلطان من القلعة إلى جهة خانقاه سرياقوس]]

وفيه، في يوم السبت، سادسه، ركب السلطان بغير قماش الموكب، ونزل من القلعة ومعه أمراؤه وخاصّكيّته متوجّهاً إلى جهة خانقاة سرياقوس، ولما وصل في سَيره إلى زاوية كهنبوش القبّة التي في أواخر الصحراء وأوائل الريدانية، وهي معروفة حيث تربة يشبُك الدوادار الآن، غيّر فرسه الذي تحته بالقماش الذهب والزركش، وركب فرساً غيره، ثم أطلق عنانه كيوم خروجه للعدوية، وساق غارة وتارة تنقيلاً على سوار، وأخذ ولا زال على ذلك حتى اجتاز الخانقاه، وبقيت وراءه (٢) بمسافة بعيدة، وكان معه من خفّ من الأمراء والخاصكية، وكانوا جمعاً. وكان مسيره إليها من طريق بركة الجبّ، لا الطريق الوسطى السالكة إليها، وترك السنجق السلطاني والأمراء يسيرون على مهل إلى الخانقاه. ثم لما اجتاز في سَوقه الخانقاه عطف عائداً إليها، ولما قربها ووصل إلى قبّة الأتابك قانَم خارجها من الجهة الشمالية، ترجّل الكثير من أصاغر الأمراء وجميع الخاصكية، شاقّاً شارعها الأعظم مجتازاً بها، حتى خرج منها من الجهة الأخرى قاصداً مخيّمه، وكان قد نصب له أمس هذا اليوم بغربيّ الخانكة بين سرياقوس وبينها من جهة القاهرة، وكان الوطاق قد نُصب على الماء، وحال وصول السلطان إلى المخيّم اتفق وصول الأتابك أُزبَك بجميع الأمراء فنزلوا ومُدّت الأسمطة، وكانت هائلة وشيئاً كثيراً. ولما انتهوا من الأكل توجّه كل أمير إلى خانه، ثم حضروا عند السلطان خدمة العصر. وبات السلطان في ليلة الأحد بمخيّمه ذلك إلى الصبح، وقد دار أمير جان دار طول ليلته حول الخيمة ماشياً، على ما جرت به العادة في أسفار السلاطين. ثم لما أصبح في بُكرة يوم الأحد هذا ركب فسيّر خارج الوطاق، ثم عاد إلى مخيّمه فنزل به، وقد حضر إليه السيد نور الدين علي الكردي القصيري، وبيده يومئذٍ النظر على الخانقاه، وأحضر للسلطان شيئاً من نوع الهدية للأكل، ما بين كثير من الغنم والإوَزّ والدجاج والبطّيخ الصيفي، واللبن والحلوى،


(١) خبر تعيين أزدمر في: تاريخ البُصروي ٢٥، وإنباء الهصر ١٨، ونيل الأمل ٦/ ٣٤٧، وبدائع الزهور ٣/ ٢١.
(٢) في الأصل: "ورواه".

<<  <  ج: ص:  >  >>