للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[عزْم بني وَطّاس على منازلة فاس]

وفيه، في ثانيه، ورد علينا الخبر ونحن بواهران، أن بني وَطّاس عزموا على منازلة فاس وحصارها، وأنهم تحزّبوا لذلك، وثار معهم طوائف العربان من الساوية وغيرهم، وأن السيد الشريف محمد بن عِمران صاحب فاس تهيّأ لهم (١).

(نادرة وغريبة) (٢)

وفيه في ثالثه، جرت بواهران غريبة، وهو أن شخصاً من التجار قدم إليها بأشياء، من جملة ذلك ثلاثة قرون مَلأى (٣) بالزباد (٤) الجيّد، تساوي قيمتها جملة من المال، فخاف إنْ دخل بها من باب المدينة يؤخذ عُشْرها، فأوسع الحيلة قبل أن يدخل المدينة في إخفائها في إدخالها، والعادة جرت هناك أن من خاف على لبسه من مثل ذلك وزّع ما معه لمن يدخل البلد من أهلها، أو أعطاه له ليدخل له به، فإنه لا يُفَتّش، سواء عرفه صاحب المتاع أو لم يعرفه، وإذا دخل البلد إمّا قصده صاحب المتاع فأخذه، أو جاء هو به إلى صاحبه. فاتفق أنْ خرج أمير الباب الذي هو على أخذ هذه العشور، فرآه هذا التاجر وهو راكب، فتوسّم فيه الخير وسأله أنه يأخذ هذه الثلاثة (٥) قرون، ويدخل بها من الباب لأجل خلاصها له من التعشير، من غير أن يعلم أنه هو المعشّر صاحب الباب، فأجابه إلى ذلك بعد أن قال له التاجر: لعلّك تدخل بها المدينة وتخلّصني من تعشيرها وتسليط الظَلَمة عليّ، ويحصل لك أجر، بل وأثيبك على ذلك بشيء من مالي على وجه حِلّ. فقال له: حبّاً وكرامة، وأخذ منه ذلك، وأخفاه معه، ودخل به من الباب، ثم دخل التاجر بعده، فوجده الجالس لأخذ العشور بالباب، فحصل عنده الباعث بذلك منه، ولم يمكنه أن يقابله ولا يكلّمه. فقصد في هذا التاجر، وكان بيننا معرفة من قبل ذلك، وذكر لي واقعته، وصار في غاية الخوف من أن ينكر العشّار ذلك، أو يجعل له الذنب مناقر جميعه، فإنه جرت بعض العادة بأن من فعل مثل ذلك من التجار وظفر به أخذ جميع ما فوّزه وأخفاه من التعشير، لا سيما إن طمع في جانبه. فحملتُ هَمَّ هذا المسكين وقلت له: قد غرّرت بنفسك، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، لكنْ قُم بنا إليه عساه أن يسخّره الله تعالى ونكلّمه في أخذ عُشره ونعتذر إليه، وأنا أساعدك عليه للَّه، فإنني أعرف هذا الشخص، فلعلّه لا يخيّبنا، ولا شك


(١) خبر بني وطَّاس في: نيل الأمل ٦/ ٢٤٩.
(٢) العنوان من الهامش.
(٣) في الأصل: "ملئ".
(٤) هكذا.
(٥) في الأصل: "الثلاث".

<<  <  ج: ص:  >  >>