للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كانت كطنين جناح الذباب أو صوت الذباب، بل وأصبح في غد هذه المناداة سعر الإردب القمح بسبعمائة، وزادت الأسعار في غير القمح أيضًا بسبب هذه المناداة. ولما تسامع بها غالب من عنده شيء من الغلال أخفى ذلك، فعُدم وجود الشيء، وتكالب الناس على الغلال، فباع من له بل ما زيد مما كان قبل ذلك، فارتفع السعر بهذا المقتضى حتى تمنَّى (١) الكثير من الناس أنّ السلطان ليته لم يُنادِ (٢) على ذلك ولم يسعّر. وكان سبب هذا الارتفاع أيضًا قبل ذلك توقّف البحر عن الزيادة على ما أسلفناه، من رابع صفر إلى عدّة أيام، فتكالب الناس، لا سيما ووافق ذلك آخر مِسرى، فصاروا يقولون: فرغ أيام الزيادة القوية، ولم يزد فيما بقي يزيد شيئًا، ثم كانت هذه المناداة فزادت الأفكار، وحصل زيادة التكالب والقلق، وأضرّت بالناس، لامتناع أصحاب المُغل عن البيع بذلك السعر الذي قرّره السلطان، ثم مَنّ الله تعالى بأنْ زاد البحر بعد ذلك. وكان قد حصل في البحر بعض نقص، فردّ كما سنذكره.

[نزول السلطان للترحيب بأُزبَك من ططخ]

وفيه، في هذه الأيام، احتفل الكثير من الناس والأعيان لملاقاة الأمير أُزبَك من طَطَخ، لقربه من القدوم إلى القاهرة، وخرج بعضٌ إلى لقائه بقَطْيا، وأخرى إلى ما دونها وإلى الخانكة ونزلها هو في يوم الثلاثاء، ثم نزل الريدانية في يوم الأربعاء، أو في آخر نهار الثلاثاء، ونزل إليه السلطان في هذه الليلة خفيةً، من غير أن يَشعُر به أحد، ولا كان ببال أُزبَك أيضًا، واجتمع به في ليلته، وكان قد نزل إليه في دون العشرة أنفُس من خواصّه، وجلس عنده ساعة جيّدة وأنس به، ثم عاد إلى القلعة وقد عيّنه للأتابكيّة (٣)، وقرّر مع ناظر الخاص بأن يطلع بخلعة الأتابكية في خلعته (٤) التي تُحمل إلى القلعة.

(ولاية أُزبك للأتابكية) (٥)

وفيه، في يوم الخميس عشرينه، طلع أُزبَك من طَطَخ إلى القلعة، فاستقرّ به السلطان في يوم هذا في أتابكية العساكر، عِوَضًا عن جانِبَك قُلَقْسيز الأشرفي، بحكم كونه مأسورًا عند شاه سوار على المبلغ الذي تقدّم ذكره وكميّة مقداره، وحين أريد إفاضة الخلعة على أُزبك المذكور أخذ يُظهر الامتناع من قبول


(١) في الأصل: "تمنا".
(٢) في الأصل: "لم ينادي".
(٣) في الأصل: "للأتابكة".
(٤) في الأصل: "في خلعه".
(٥) العنوان من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>