كتاب الروض الباسم في حوادث العمر والتراجم

ذكر نبذ من تراجم الأعيان ووفياتهم في هذا الزمان [سنة ٨٦٩ هـ.] - (ترجمة الشمس البابا المعبر) - ج: 3 - ص: 85

جماعة ودأب فيه وجدّ، حتى برع فيه وشُهر، وقُصد لتعبير الرؤيا، وتصدّى لنفع الطلبة والإقراء، ورحل إلى طرابلس بعد فتنة اللَّنْك فقطنها، وهو على ما هو عليه من الخير والإقراء، وجلس بحانوت يتكسّب به بغسيل الثياب وصقْلها، وربّما أقرأ وهو في تلك الحالة، وربّما سُئل وهو يصقل، وشُهر بطرابلس، وكانت النواب بها تُجلّه، وكان يشبُك النَوروزي (١)، وهو نائب طرابلس، يقصده ويتردّد إليه بحانوته بسوق أسَندمُر (٢) ويحادثه، ويسأل منه عن مرائي (٣) رآها، وعن مسائل دينية. وكان الشيخ مع ذلك لا يكترث به، ودام على ذلك حتى كبر سنّه بعد الستين، وعجز عن الحركة، فترك ولزم داره، مع تردّد الناس إليه لأخذ الفقه عنه، والسؤال عن تعبير الرؤيا، وكانوا يَبَرّونه حين تعبير المرائي (٤)، ويتفقّده بعض أعيان طرابلس، لكونه قعد عن التكسّب، ثم تسبّب له الشهاب أحمد بن القُلَيب (٥)، وكان يعتقده ويُجِلّه في مرتّب على الجوالي (٦) بطرابلس، في كل يوم خمسة دراهم شامية، عبارة عن

---

(١) توفي (يشبك النوروزي) في سنة ٨٦٣ هـ. انظر عنه في: النجوم الزاهرة ١٦/ ١٩٩، ومنتخبات من حوادث الدهور ٢/ ٢٠٤، والضوء اللامع ١٠/ ٢٨٠ رقم ١١٠٠، ووجيز الكلام ٢/ ٧٢٧ رقم ١٦٧٣، والذيل التام ٤/ ٢٤٠، ونيل الأمل ٦/ ٤٨، ٤٩ رقم ٢٤٥٤، وبدائع الزهور ٢/ ٣٥٠، والبذل والبرطلة ٥٢، وتاريخ طرابلس ٢/ ٥٦ رقم ١١٩.
(٢) هو (أسندمر الكرجي) نائب طرابلس قتل سنة ٧١٠ هـ. انظر عنه في: ذيل العبر، للذهبي ٦٤، وذيل تاريخ الإسلام، له ٩٨ رقم ٢٤٥، ونهاية الأرب، للنويري ٣٢/ ١٦٨، والوافي بالوفيات، للصفدي ٩/ ٢٤٨، ٢٤٩، وأعيان العصر، له ١/ ٥٣٤ - ٥٣٧ رقم ٢٨٠، وتذكرة النبيه، لابن حبيب الحلبي ٢/ ٢٩، والسلوك ج ١ ق ٢/ ٨٩٤ وج ١ ق ٣/ ٩٤، والدرر الكامنة ١/ ٤١٤، والمنهل الصافي ٢/ ٤٤٣، وشذرات الذهب ٦/ ٢٥، وتاريخ طرابلس ٢/ ٣٤ رقم ٧.
أما "سوق أسندمر" فهو المحلّة المعروفة الآن "بين الجسرين" من محلّة السُوَيقة على نهر طرابلس، وسُمّيت بسوق أسندمر نسبة إليه فهو الذي اختطّه وبنى فيه عدّة مُنشآت. انظر كتابنا: وثائق نادرة من سجلّات المحكمة الشرعية بطرابلس -منشورات مؤسسة المحفوظات الوطنية- بيروت ٢٠٠٢، انظر فهرس الأسواق رقم ١٥ ص ٥٣٧.
(٣) في الأصل: "عن مرايا".
(٤) في الأصل: "تعبير المرايا".
(٥) انظر عن (ابن القُليب) في: كتاب في التاريخ (مخطوط) مجهول المؤلف (نرجّح أنه لبرهان الدين البقاعي) بدار الكتب المصرية، رقم ٥٦٣١ تاريخ، الأوراق ٦ أ، و ١٣٦ أ، و ١٣٧ أ، والنجوم الزاهرة ١٦/ ٣٥٤، ومنتخبات من حوادث الدهور ٣/ ٤٢٣ و ٥٣٩، والضوء اللامع ٢/ ٢١٥، ٢١٦ رقم ٥٩٢، ونيل الأمل ٦/ ٢٦٢ رقم ٢٦٧٧، والمجمع المفنّن ١/ ٥٦٧ رقم ٥٣٠، وتاريخ طرابلس ٢/ ٧٤ رقم ٢٩.
وهو: أحمد بن محمد بن القليب، توفي سنة ٨٧١ هـ. وسيأتي.
(٦) الجوالي: مصطلح مملوكي موروث عن الأيوبيّين يتعلّق بالرسوم السنوية التي يفرضها السلطان على أهل الذمّة من النصارى واليهود وغيرهم.