للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن خلال العودة إلى شريط رحلته، مرة أخرى، نجده ساذَجًا تارة، وحريصًا تارة أخرى، وذلك من خلال ما جرى له من مملوكه العاقّ الذي خدعه، ومن اليهوديّ الذي أراد قتله، ومن قائد طرابلس الغرب الذي ظلمه، وكبير التجار الذي تخلّى عن نُصرته. وفي المقابل، نجد شريحة كبيرة من الأصدقاء والأصحاب الذين وقفوا إلى جانبه في أوقات الشدّة، وساعدوه، وعادوه أثناء مرضه، وتأثّروا لما أصابه عند محاولة اغتياله، وإضافة أهله في بيت أحدهم عدّة أشهر، أثناء سفره إلى الأندلس بمفرده، وتأثّره من قاضي القضاة الحنفية بمصر الشيخ محمّد بن المغربي الغزّي، الذي وثب على وظيفة التدريس في أحد جوامع القاهرة (من زادة؟) حيث وقع بينهما شنآن - حسب تعبيره - وأخذ الوظيفة منه بغير طريق، ظلمًا وعدوانًا (١).

وتنوّعت معارف المؤلّف بين لغوية، وأدبية، وفقهية، وطبّية، وأُصول، ونظْم ومنطق، وهندسة، ومساحة وعن العِلمين الأخيرين يتحدّث المؤلّف أن والده أخذه معه إلى مجلس شيخه بالمدرسة المؤيّديّة قاضي القضاة الحنفية السعد بن الديري، وذكره عنده، فقال القاضي الديري: "قد سمعت به، وإنه طالب عِلم حذق، ثم أخذ بعد ذلك يسألني عن مسألة المحشر في المحشر، فتكلّمت ببعض كلامٍ فتح اللَّه تعالى به في ذلك الحين، فأعجبه إلى الغاية، ثم انتقلت إلى الكلام على طريقة أهل الهندسة والمساحة، فدعا لي، ثم حضرت بعض دروسه، وأجازني في سنة ٨٦٦ هـ" (٢).

وتناقش مرة مع شخص حول البيت:

ما كل ما يتمنّى المرءُ يدركهُ … تجري الرياحُ بما لا تشتهي السُّفُنُ

فقال الرجل: إنّ الصحيح: "بما لا يشتهي السَفِن" (٣)، (بفتح السين المهملة وكسر الفاء)؛ فصوّب المؤلّف الضبط كما هو مشهور.


(١) الروض الباسم، ١/ ورقة ٤٠ أ.
(٢) الروض الباسم، ٢/ ورقة ١١ أ.
(٣) الروض الباسم، ١/ ورقة ١٠ و ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>