ناموسًا، واكتسب الوجاهة. ثم أخذ في التظاهر للناس بأنه متمكن من السلطان غاية التمكن، فقُصد من الناس وخدموه بالرِشَى والأموال، وأثرى من ذلك. وأنشأ دارًا بالروضة والصليبة وزخرفهما، وركب الخيول المسوَّمة، والنقلة في هيئة القضاة بالكنبوش. ووُلّي وظائف البدر بن عُبيد اللَّه بعد موته بعناية يشبُك الدوادار، كمدرسة أمّ السلطان، والمحمودية، والبَرْسْبائية، وغير ذلك، وأخذ في التعاظم والشمم الزائد، مع مزيد البأو، وبطر الحق، وغمص الناس، ثم أخذ بعد موت العلّامة الأمين الأُقصُرائي وولده في السعي في مشيخة الخانقاة الأشرفية المستجدّة، ولا زال به حتى تسلّط على السلطان، فولّاه إيّاه على كُره منه، بعد أن أسمعه كلمات مُنكية، وتكلّم في نظر الكِسوة أيضًا، ووُلّي بعض تداريس شيخنا العلّامة السيف الحنفي بعد موته، وعلم كره كل ذلك، ولم يقنع ولا شبع، ولم يعرف ما كان فيه من الفقر والفاقة والمشي إلى قراءة الأسباع، بل وربّما عمل إمام بعض الوقف مع الواعظ، وبشيء ما كان عليه من الشهر بالمواذن في بعض النيابات في الأذان والميقات عن أبيه وغيره، فأخذ بعد ولايته لهذه المناصب الجليلة يتعاظم على الخلق كافّة ويترافع، حتى على أعيان العلماء وكبار الرؤساء، وصار يهزأ بهم ويذكرهم عند السلطان بالمعايب والمثالب، ويرميهم بالعظائم والمصائب، تارةً تصريحًا، وتارة تلويحًا، وأخرى كناية، ومرة بحِيَل في أثناء كلامه، مُظهرًا بأنه لا غرض له عند من تكلّم فيه بضروب من الحِيَل، مثل ذكر باب خير يقصد به الشرّ، ويدخل في ضمنه ما شاء مما أراده من تنقيص من أراد، ورمي الناس أجمعين لعظائم من الأمور، وقلّ من سلِم من شرّه، وذكره بالسوء من سائر الطوائف، حتى الأتراك على ما أخبر به السلطان عنه بعد نكبته على ما سنذكرها، حتى كان السبب الأعظم في تطرّق فساد كبير، وظهر منه من الأمور والشرور ما لا مزيد عليه. ثم ما كفاه ذلك كله حتى أخذ يتعاظم على العلماء والمشايخ الموجودين بعصرنا، ويُظهر لهم في وجوههم بأنه أعلم الناس، وأنه كان مخفيًا لعدم جاهه، وأنه الآن قد ظهر بالجاه، وصار يجمع جماعة من الناس من طلبة وغيرهم، فيظهر أنه تلقّى الدروس، واستدعى جماعة من فُضلاء أهل العلم من أهل الخير والسكون والفقر والفاقة، وأمرهم بأن يقرأوا عليه، مُظهرًا بأنه يلقي لهم الدروس، وكان في الحقيقة هو الآخذ عنهم، حتى تدرّب بهم في أشياء كثيرة، وأكبّ على المطالعة، وصار يُظهر أنه مجاز بالفنون والتدريس من عدّة (١) من أعيان العلماء، منهم: شيخنا