للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والنيابات والعمالات والمباشرات، وغير ذلك. ومع ذلك فقد وقع له الخطأ في بعضها، كتوليته القضاء الحنفية بالديار المصرية لمثل هذا الشخص الذي يقال له ابن (١) المغربي الغزّي، فإن ذلك من أعظم المصائب وأكبر المعائب، والعار على ملك مصر، لعلّ يقع قبلها مثلها، وإن كان قد وليها بعضٌ ممن لا ينبغي أن يولّي لشيءآخر، لكنْ من حيث الذات، وكثير من أوصافها، فلا يمكن أن يكون وليها مثل هذا قط، ولكنّ السلطان معذور، لأنه دُلِّس عليه، لكنْ لا أعلم ما عُذره بعد ظهور ذلك له، مع شهامته وعدم رضاه بأقلّ من هذا الحال، فما بالُك بهذا؟

وأمّا ما له من البِرّ والمعروف والخيرات فشيء كثير، من ذلك ما قد فعله بالحرمين الشريفين في هذا القرب، مما يطول الوصف في تفصيله، وهو مشهور، وأوقف لذلك وقفًا هائلًا، وجعل عليه ناظرًا ومتحدّثين. وله صدقات تُفرَّق (٢) في أول كل شهر رمضان على الكثير من الناس من أهل العلم وطلبته، وعلى الزوايا وغيرها.

وبالجملة، فهو أعظم أتراك زمننا هذا، لم يأت قبله مثله.

وهو في عشر السبعين. ولا شك في مجاوزته للخمس وستين.

وهذه نُبَذ (٣) من أخباره وترجمته على جهة الاختصار والاقتصار.

وكان بينه وبين الوالد محبّة وصُحبة في أيام إمرته، ولعلّه لو عاش إلى زمنه لنال منه الخير الدنيوي وأنصفه. واللَّه أعلم.

وما ذكرناه عنه من غير المحاسن فلعلّها من شرور أنفُسنا ومن سيّئات أعمالنا، كيف وقد قال الصادق المصدوق عليه السلام: "كما (٤) تكونوا يُوَلَّى (٥) عليكم" (٦)، وقال عليه السلام: "إنْ هي إلّا أعمالُكم تُردّ عليكم فمن وجد خيرًا فلْيحمَد اللَّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلّا نفسَه" (٧).


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "يفرق".
(٣) في الأصل: "نبذًا".
(٤) في الأصل: "اينما".
(٥) في الأصل: "يول".
(٦) الحديث بتمامه: "كما تكونوا يولّى عليكم أو يؤمّر عليكم". رواه القُضاعي في "مُسْند الشهاب" ١/ ٣٣٦، ٣٣٧ رقم ٣٧٢ (٥٧٧) بسنده إلى أبي بَكرَة عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. ورواه الدَيلمي في "مسند الفردوس" ٣/ ٣٥٢ رقم (٤٩٥٣)، ورواه البَيهقي من طريق الديلمي في "شُعَب الإيمان"، والسِلَفي في "الطيورّيات" ١/ ٢٨٢ و ٣٢٨، ٣٢٩، وقال الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة": ونُقل عن ابن حجر في تخريج الكشاف ٤/ ٢٥.
(٧) هذا جزء من حديث قُدْسي، رواه أبو ذرّ الغِفاريّ، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فيما روى عن اللَّه تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي، إنّي حرّمتُ الظُلم على نفسي وجعلته بينكم محرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا.=

<<  <  ج: ص:  >  >>