للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتَنِبك هذا هو أحد مقدَّمين (١) الألوف بعصرنا الآن، وهو موجود فلْنترجمه.

٣٧٥ - هو في الأصل من مماليك بعض أهل دمشق، ثمَّ ملكه شادبك دوادار جُلُبّان (٢) نائب الشام (٣)، ثم قدّمه للظاهر جقمق، ومات عنه وهو كتابيّ، فملكه الأشرف إينال، وتنقّلت به بعده الأحوال في نفْي وغيره، وأقام في غضون ذلك بغزّة مدّة، ثم حضر القاهرة بعد موت الظاهر خُشقدم، وكان من أكبر القائمين بسلطنة الأشرف قايتباي، فأمّره حين تسلطن عشرة، وصيّره في هذا اليوم تاجر المماليك، وقرّبه وأدناه، وأحبّه واختصّ به، ثم رقّاه إلى الدوادارية الثانية، عوضًا عن قان بردي حين تقدّمه، فباشرها تَنِبَك هذا مدّة مطوّلة، فوق الثلاث عشرة (٤) سنة، وحُمدت بها سيرته، وتحرّى في أحكامه القوانين الشرعية، وبالغ في إظهار العفّة والخير والعدل في ذلك، ونال الوجاهة الزائدة، وشُهر وذُكر وبعُد صيته، وقُصد لمهمّات كبيرة كثيرة، فأنهاها عند السلطان، وأثرى، ونالته السعادة، وعمّر الدار الهائلة التي كانت تُعرف قديمًا بدار طاز، وهي التي تجاه حمّام الفارقاني، ونال حُرمة زائدة، لا سيما كان ينفرد في حين أسفار يشبُك من مهدي، فلا يبقى يتكلّم في الدوادارية غيره، وقام مع الناس في حسن السفارة عند السلطان، وأجابه السلطان إلى كثير مما سأله فيه من القضايا والمهمّات، وحصل به النفع للناس، كل ذلك مع التديّن والتعفّف ومحبّة العلم وأهله، والتواضع الزائد لهم، بل ولغيرهم، والمشاركة في كثير من المسائل، والتفقّه، بل قرأ الفقه وغيره، وأخذ عن جماعة، منهم: الشمس الأمشاطي، والصلاح الطرابلسي، والنظام بن الجربُغا، وغيرهم. وسمع الحديث على جماعة، بل وقرأ بنفسه على التقيّ الأوجاقي، وأجازه على ما تقدّم ذلك في ترجمة التقيّ في محلّها في أوائل تاريخنا هذا. ولم يزل مجلسه


(١) الصواب: "أحد مقدَّمي".
(٢) مات (شادبك دوادار جُلُبّان) في سنة ٨٨٧ هـ. انظر: الضوء اللامع ٣/ ٢٩٠ رقم ١١٠٦، ونيل الأمل ٧/ ٣٣٣ رقم ٣٢١٩.
(٣) توفي (جُلُبّان نائب الشام) في سنة ٨٥٩ هـ. انظر: الضوء اللامع ٣/ ٧٧، ٧٨ رقم ٣٠٢، ووجيز الكلام ٢/ ٦٩٥ رقم ١٥٩٨، والذيل التام / ١٠٨، والنجوم الزاهرة ١٦/ ١٧٤، والدليل الشافي ١/ ٢٤٨، ٢٤٩ رقم ٨٥٤، والمنهل الصافي ٥/ ١٠ - ١٢، وحوادث الدهور ٢/ ٥٥٠ - ٥٥٢ رقم ٣، ومنتخبات من حوادث الدهور ٣٦٢ وفيه وفاته سنة ٨٥٨ هـ.، والسلوك ج ٤ ق ٣/ ١١١٥، وإنباء الغمر ٣/ ٦٥، ونزهة النفوس ٤/ ٦٧، ونيل الأمل ٥/ ٤٣١ رقم ٣٣٧٠، وحوادث الزمان ١/ ١٣٢ رقم ١١٢، وإعلام الورى ٥٣، وبدائع الزهور ٢/ ٣٢٢، ٣٢٣، وتاريخ طرابلس ٢/ ٥٠ و ٦١٢، ووقفية برج الأمير جُلُبّان، كُتبت على رَق غزل، بدار الكتب الظاهرية، رقم ٤٨٣٨ عام.
(٤) في الأصل: "الثلاثة عشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>