للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحاجب الثاني بدمشق، وعلى يده مكاتبة أُزْبَك نائب الشام بالخبر، بكسر العساكر السلطانية جميعهم، المصريّين والشاميّين (١) على يد شاه سوار بن دُلغادر، بعد وقوع مقتلة عظيمة وحرب هائلة بين الفريقين، حتى انهزم العسكر السلطاني، ودخل أُزبَك نائب الشام إلى حلب في هزيمته على أقبح وجه وأسوأ (٢) حال، وبه جراحات، وما سلم إلّا بعد شدائد وأهوال، وأن بُردُبَك نائب حلب، وإينال الأشقر نائب طرابلس وصلوا كذلك إلى حلب، وأنهم لا يعرفون شيئًا من أحوال الأتابك جانِبَك قُلقسيز ومن معه من العساكر السلطانية المصرية، ولا ما هم فيه، ولا إلى أين توجّهوا بعد هذه الكائنة العظمى، وأن هذا ما اتفق، وإذا تحرّر بعد ذلك حالهم يرسل يعرّف به السلطان.

ثم أخبر قانصوه هذا عن خبر هذه الوقعة وكيفيّتها، وذكر أنها كانت في يوم الإثنين سابع ذي القعدة، وكان العسكر على حصار قلعة عنتاب، وأنّ بَيْنَا هم في أثناء الحصار ذلك، كثر هَرَجُهم ومَرَجُهم واضطرابهم، وأن نائب الشام، وكان الباش على العسكر، لما بلغه ذلك، انتدب في الحال الأمير باكير، وهو الزين أبو بكر بن صالح الكردي (٣)، حاجب الحجّاب بحلب، وبعث به لأجل كشف الخبر له، وتعريفه بحقيقة ذلك، وأنه سائر ثم عاد منهزمًا في أسرع وقت من أعوان شاه سوار، وأخبرهم بأن شاه سوارًا بأَثَره، فلم يمض بين إخباره بذلك، وبين وصول شاه سوار، إلّا مدّة قصيرة، وإذا به قد دهمهم بخيله ورَجله، وعساكره من التركمان، بحيث ظهر لهم وقرُب منهم، فبدرت العساكر المصرية إلى لقائه ومقاتلته، ونهضوا جميعًا فتأهّبوا وأخذوا في التوجّه إلى جهة من ظهر لهم من العسكر التركماني، وكانوا طلائع لشاه سوار أو بعضًا من عسكره، وكان سوار هذا لما قرب من هذه العساكر المصرية أمر عساكره بأن يناوشوهم القتال، بعد أن كمن هو وجماعة، وأظهر أن عسكره هو من يُرى فقط، وأمرهم بأنهم إذا ناوشوهم لا يزالوا يشارقونهم حتى يقربوا منه حيث هو كامن، ويجتازوا عليه من غير أن يعلم به أحد منهم، وإذا جاوزوه يُظْهِروا أنهم كالمنهزمين بين أياديهم، ليشغلوهم عن الالتفات لِما وراءهم، وعن التطلّع والإشراف لذلك، حتى يبعُدوا عن الكمين، ففعلوا ذلك. ولما جاوزوا سواه وهو مُكمن خرج الكمين، وبدروا بالتوجّه لوطاق


(١) في الأصل: "المصريون والشاميون".
(٢) في الأصل: "اسواء".
(٣) اسمه: باكير بن صالح الكردي. كان موجودًا في سنة ٨٩٤ هـ. انظر عنه في: نيل الأمل ٨/ ١٤٨، وبدائع الزهور ٣/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>