للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالث عشر شعبان، سنة إحدى أو ثلاث عشرة، فيما رأيته.

وكان والده إذ ذاك حاجبًا بها، وشادًّا على القُمامة قبل أن يلي النيابة بها، ومرضت والدته فأرضعته أمّ الشيخ برهان الدين ابن (١) الدّيري قاضي القضاة، وهي زوج شيخ الإسلام قاضي القضاة الشمس ابن (٢) الديري، وما علمتُ هل هي أم شيخنا شيخ الإسلام السعد ابن (٣) الديري أم لا، فإن الوالد كان يقول بأنه أخ (٤) للبرهان المذكور من الرضاع.

ومن غريب ما وقع في أمر حمل والدته به أنها كانت تلد الإناث، وما ولدت ذكرًا قبله، فصارت تتمنّى الذَكَر، فاتفق أنْ حملت به، فخرجت من القدس إلى مدينة حبرون (٥)، حيث مدفن سيّدنا الخليل على نبيّنا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فدخلت إلى حرمه ليلًا، ثم كشفت عن بطنها، وأمَسَّته سردابه، ونذرت شيئًا وافرًا من المال أن تكون صدقة لفقراء حرمه، إن ولدت ما في بطنها ذكرًا، وأن تسمّيه الخليل. فلما وضعته كان ذكرًا بإذن الله تعالى، فسمّته الخليل، ثم وفت بما نذرته، ثم ألبسته في أذنه خَرصًا من ذهب بلؤلؤة ذكرت أنها شَرَتها بخمسين دينارًا ذهبًا، ونذرت لله عليها إن أكمل ولدها سبع سنين أن تلقي هذه الجوهرة في صندوق النَدر لسيّدنا الخليل على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام. وترعرع هو ونشأ بالقدس وحفظ به القرآن العظيم.

وكان ذكيًا، حذقًا، فهمًا، فطِنًا، حادّ الذهن، لبيبًا، ثم أخذ في الاشتغال فبحث "القدوري" على بعض أهل العلم بالقدس، وتعانى الطلب وحُبّب إليه.

٤٨٦ - • وكان والده شاهين من مماليك الظاهر برقوق، مَلَكه عن شيخ الصفوي أمير مجلس لما أخرج إلى القدس بطّالًا. ويقال إنه تتريّ الأصل، مسلم، من مدينة سراي، وإنّما سُمّي شاهينًا، لأنّ التتر كانت في أول دولة الظاهر في مَقتٍ وإبعاد. ووُلّي شاهين هذا بعد مدّة من موت الظاهر شادّية القمامة بالقدس، بعد حجوبيّتها، ثم ترقّى إلى نيابتها في أواخر دولة الناصر فرج. ثم لما مات الناصر فرج، وكانت تلك الفِتن، انجمع شاهين هذا عن الدولة، وقطن بالقدس مدّة فارًّا من الفِتن، فإنه كان ممن له شهرة (٦) بالشجاعة والقوة، ويُحكى عنه في ذلك ما يشبه الكذِب. ولم يزل إلى سلطنة الأشرف بَرسْباي، فحضر إلى القاهرة بعد أن


(١) في الأصل: "بن".
(٢) في الأصل: "بن".
(٣) في الأصل: "بن".
(٤) كتبت محيّرة بين: "أخ" و"أخا" اخ.
(٥) حَبْرون: هي مدينة الخليل.
(٦) مهملة في الأصل، برسم "مسرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>