للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان جميل الصورة جدّاً، فرقّاه إلى خازنداريّته، ثم صيّره دواداره بدمشق. ثم لما قدم القاهرة وصُيّر حاجب الحجّاب بها دام دمرداش هذا على دواداريته كما كان، وكان إليه زمام داره، والنهي والأمر، وإليه المرجع فيها.

ثم لما تسلطن اختص به أيضاً وقرّبه وأدناه، لكنه تأخّر عن الترقّي بسبب رمدٍ كان قد حصل له. فأضرّ به ودام به مدّة، حتى أشفى فيه على العماء (١)، وانكسر بعينه، فتأخر عن الترقّي بسبب ذلك، وإلّا لكان له شأن. وكان الظاهر يتأسّف عليه لذلك. ولما مات كمشبُغا السيفي يخشباي نائب قلعة حلب، وكان وليها بعناية دمرداش هذا، وبسعيه له عند الظاهر، طلبه الظاهر فولّاها له، فتوجّه إليها، وباشرها مباشرة حسنة، ولم يزل بها إلى سلطنة الأشرف قايتباي، فصرفه عنها ودام بطّالاً بحلب.

حتى توفي بها، أظنّ في هذه السنة.

وكان إنساناً حسناً، كيّساً، أدوباً، لا بأس به.

٤٨٩ - دَولات باي الجمالي (٢)، الظاهري.

رأس نوبة الجمدارية.

كان من خواصّ مماليك الظاهر جقمق ومن خاصكيّته المقرَّبين إليه، وصُيّر (نائب) (٣) رأس نوبة الجَمْدارية في دولة الأشرف إينال، ووقع بسبب توليته لهذه النيابة ما قدّمنا ذِكره في ترجمة جانِبَاي الخشِن (٤)، بل وما قدّمناه في محلّه من المتجذدات في بعض سِنيّ دولة الأشرف إينال من قيام جانِبَاي، وتكلُّمه بكلمات كثيرة، واستشاطته بالحوش في الملأ (٥) العام، بما يُغني عن مزيد إعادته. ودام دَولات باي هذا على هذه الوظيفة إلى سلطنة الظاهر خُشقدم، فجعله رأس نوبة الجمدارية، ولا زال على ذلك حتى بغَتَه الأجل.

وكان إنساناً حسناً في ذاته، متجمّلاً في سائر شؤونه (٦) مع عصبية وشجاعة، لكنه كان متعاظمًا، وعنده بعض إسراف على نفسه، سامحنا الله تعالى وإيّاه.


(١) في الأصل: "العمى".
(٢) لم أجد لدولات باي الجمالي ترجمة. وهو مذكور في ترجمة جانباي الخشن.
(٣) كتبت فوق السطر.
(٤) ترجم له المؤلّف -رحمه الله - في المجمع المفتَن ٢/ ٣٨٤، ٣٨٥ رقم ١١٦٤ ولم يؤرّخ لوفاته. وكان موجودًا في سنة ٨٨٤ هـ.
(نيل الأمل ٧/ ٢٤١).
(٥) في الأصل: "الملاء".
(٦) في الأصل: "شونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>