بدينٍ من الأديان على ما زعموا، وحُكم بسفك دمه هدراً، مع العلم بالخلاف وبعدم قبول توبته. فلما تكامل ذلك أركب جملاً، وطيف به الشوارع التي كان يتكلّم بها بما ثبت عليه بشهادة أولئك، وبقي يضحك تارة وهو راكب على الجمل ويتكمّد وأخرى بواسطة ثوران الغوغاء ومسيرهم معه وحوله، وهو لا يكترث بهذه الحالة ولا توهّج ولا انزعج، حتى وصل به إلى الرُميلة تحت القلعة، وضُربتَ عنقه صبراً.
قال لي بعض من شاهد هذه الحالة وعرف بهذه القضية ممن أخبرني بقضيّة ابن (١) عُبيد اللَّه التي قدّمناها هنا: ولقد رأيت العجب من بعد الشيخ عليّ هذا فيمن تغضّب عليه بسبب الغيرات.
• الشمس الكاتب فامتُحن محنةً مشهورة منظورة مذكورة، ونُسب إلى كُفر، حتى أراد الظاهر ضرب رقبته، وما بقي إلّا أن يتمّ ذلك لولا الشيخ الإمام شيخ الإسلام الكمال بن الهمام رحمه اللَّه تعالى. فإنه هو الذي لاطف الظاهر في قضيّته حتى فتر عزمه عن ضرب رقبته.
قال: ومات بعد ذلك مقهوراً مذلولاً مغبوناً بأسوأ حال، لعلّه لو ضُربت عُنقه لكان أهوَن عليه من بعض ما قاساه من الأهوال وأصيب ببصره.
وأمّا يوسف الذي رتّبه الكاتب في الشهادة هو وسعيد فإنه ابتلي من الكاتب بغضبة تغيظ بسببها عليه وطرده من عنده وأبعده، فتوجّه للبلاد الشمالية، وبينا هو في أثناء طريقه إليها أحاط به اللصوص وآل أمره أنْ ذُبح منهم.
• وأمّا سعيد فإنه توجّه للوجه القِبْلي لبعض شأنه، فجرى عليه كائنة آل أمره فيها إلى ضرب العُنُق، والجزاء من جنس العمل.
• وأمّا يوسف بن قجماس الحاجب فإنه خمل بعد ذلك جدّاً، وآل به الأمر إلى أن مات أعمى.
قال لي هذا الخبر. ولقد سمعت شمس الدين الكاتب عقيب ما امتُحن فكان يتأوّه ويقول لي: لعلّ ما جرى علي بسبب قيامي على هذاك المسكين الشيخ عليّ حتى قُبضت على ذلك.
ثم أنشدني هذا المخبر الظريف هذا الكلام اللطيف:
ألا واللَّهِ إنّ الظُلم لومُ … ولا زال المسيءُ هو الظلومُ
إلى ديّان يومِ الدين نمضي … وبين يديه يجتمعُ الخصومُ