لابن آياس الذي استفاد من مصنّفاته وأفرغ غالب مادّتها في كتابه "بدائع الزهور".
وكان أشدّ ما يحفزني لتحقيق هذا المخطوط، ونفْض غبار الزمان والنسيان عنه، ونشره كون صاحبه "عبد الباسط" أقام في بلدي "طرابلس الشام" أكثر من خمس سنين، ونَهَل علومه الأولى في جامعها "المنصوري الكبير" القريب من سكني، والذي أصلّي فيه أغلب الجُمَع والأعياد. بل إن أباه المؤرّخ "خليل بن شاهين" أقام بها وبنى دارًا وزاوية وتُربة دُفن فيها نزيلاً على اثنين من أولاده، رحمهم الله.
وكنت - ولا أزال - أعجب وأستغرب لقلّة قرّاء هذا المخطوط، إذ لم أر أحدًا يعتمده في قائمة مصادره، سواء في الكتب المحقَّقة، أو المؤلَّفة عن عصر المماليك إلّا ما ندر. ولكنّ اضطراب المخطوط والتقديم والتأخير في ترقيم المجلَّد الأول، ورداءة المجلّد الثاني بكامله تقريبًا، وصعوبة قراءة أغلب أوراقه لعدم وضوح كتابتها ومَسْحها تمامًا، فضلًا عن الحواشي الكثيرة على جوانب الصفحات وضياع بعضها مع تآكل أطراف الأوراق … كان يصرفني عن تحقيقه، تمامًا كما سبق وحصل لي مع مخطوط "المقتفي على كتاب الروضتين" للبرزالي، وهو مطموس ورديء جدًّا، وأعانني الله سبحانه على تحقيقه.
وأعتقد أن سوء نسخة "الروض الباسم"، وعدم وجود نسخة أخرى منه تساعد على المقارنة والمقابلة، وقراءة ما غمض من كلمات، وتعوّض الضائع والناقص والممسوح والمطموس، وغيره، هو السبب الذي جعل الباحثين والمحقّقين ينصرفون عن تحقيقه، نذكر منهم الدكتور "محمد محمد عامر" الذي كتب بحثًا عن مخطوط "الروض الباسم" في حوليّة كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، سنة ٧٧ - ١٩٧٨ وتمنّى أن يقوم بتحقيقه بمشاركةٍ من زميله الدكتور "طاهر راغب". وها قد مرّ على الأُمنية أكثر من ثلاثين عامًا، ولما يُبصر عملهما النور!!
ولما كنت قد وُفّقت بعون الله تعالى بتحقيق مخطوط "نَيل الأمل في ذيل الدول"، ومخطوط "المجمع المُفَنَّن بالمعجم المُعَنْوَن" للمؤلّف "عبد الباسط بن خليل"، وجدت أنه لا ينبغي بقاء هذا السفْر النفيس دون عناية لا يعرفه إلّا القليل القليل من المهتمّين وعشّاق التراث.
لذلك عقدت العزم، وبادرت، بعد الإتكال على الله سبحانه والاستعانة به، إلى نسْخ المخطوط والبدء بتحقيقه في صباح يوم الأحد ٢٤ ذي القعدة ١٤٣١ هـ/ الموافق ٣١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠ م.