للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى ستين درهماً كل عشرة، وكاد الجمّالة أن يهربوا، فقُدّر وصول الخبر بوصول المراكب إلى الساحل، فتراجع السعر إلى أن صار وسطاً بعد أن كان أولاً وآخراً. انتهى (١).

أقول: ووقع عكس هذا في زمننا هذا في سنة سبع وثمانين في عَود الحاج.

أخبرني من أثق به ممن كان مع الحاج في هذه السنة أنه لما وصل الحاج إلى الينبُع بيع الشيء في أول النهار بأغلى الأثمان، فمنع أمير الحاج، وكان يومئذٍ أزبَك اليوسُفي أحد مقدَّمي الألوف المعروف بناظر الخاص الناس من الشراء (٢) أولاً حتى يستكفي هو، فاشتري الدقيق والعليق وغير ذلك بأغلى (٣) ثمن، ولما استكفى نزل السعر في وسط النهار، ثم انحطّ في آخره بحيث قدم أمير الحاج المذكور ومن اشترى من الأتراك، وانتصف الفقراء بعد تكفية الأمراء. {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣].

قال الحافظ ابن (٤) حجر: وتوجّه خلق كثير من الحاج في المراكب، وتوجّه خلق كثير من الركب إلى الساحل، فأحضروا الدقيق والعليق، ولزم من ذلك أن أقاموا بالينبُع أربعة أيام. ولما وصلوا إلى منزلة بدر لم يجدوا بها عليقاً، فبيع النوى كل ويْبة بثُلث أفلوري (٥)، والبقسماط بسبعين العشرة. وكان مع ذلك اللحم واللبن والبطّيخ كثيراً.

قال حاكياً عن ذلك الخط: ومات شعبان بوّاب دار الضرب قبل رابع يوم. وكان وصول الركب إلى مكة بحر يوم الخميس، ولم يروا الهلال تلك الليلة لكثرة الغيم، وسألوا أهل مكة فلم يخبر أحد منهم برؤيته، وعادوا على ذلك. وأن الوقفة تكون يوم السبت. وأشار عليهم القاضي الشافعي أن يخرجوا يوم الخميس ويسيروا إلى عَرَفة ليدركوا الوقوف ليلة السبت احتياطاً، ويقفوا يوم السبت أيضاً، فبينا هم على ذلك إذ دخل الركب الشامي فأخبروا برؤية الهلال ليلة الخميس، وأنه ثبت عند قاضيهم، فبنوا على ذلك، ووقفوا الجمعة، ونفروا ليلة السبت على العادة.

وذكر -يعني صاحب ذلك الخط- أنه وجد بمكة زخّاً كثيراً.

قال- يعني صاحب الخط أيضاً-: ووصل إلى جُدّة عدّة مراكب، يعني من الهند وأسرعوا في تفريغها، فكان يدخل إلى مكة في كل يوم خميس مائة حمل.


(١) إنباء الغمر ٤/ ١٨٥.
(٢) في الأصل: "من الشرى".
(٣) في الأصل: "باغلا".
(٤) في الأصل: "بن".
(٥) أفلوري: قطعة نقود أوربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>