للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلطان، وثب جماعة كبيرة منهم وطلعوا إلى أسطحة طباقهم ومعهم الحجارة والقسيّ والسهام النشاب، فأخذوا في رجم الداخل والخارج إلى القلعة ومنها، وأُفحشوا في ذلك، بحيث لم يقدر أحد في ذلك اليوم على المرور داخل القلعة، ومنعوا الأمراء وغيرهم من أعيان المباشرين وكبار المملكة من طلوعهم إلى الخِدم السلطانية وخرجوا عن الحدّ في إفحاشهم في ذلك.

قال البدر العيني (١)، رحمه الله،: ثم كسروا زَرَدْ خاناه السلطان وأخذوا كل شيء فيها، وكان قيمته مبلغ عشرين ألف دينار.

وقال ابن تغري بردي (٢): وكسروا باب الزَرَدخاناه السلطانية وأخذوا منها سلاحاً كثيراً، وضربوا جماعة عند باب الزردخاناه من أهلها، ووقع منهم أمور قبيحة في حق أستاذهم الملك الظاهر ولهجوا بخلعه، وتحرك من في قلبه مرض في ذلك اليوم، وتفتّحت الأعين بكائنة تحلّ بالسلطان.

قال العيني (٣): فطلب السلطان الأمراء فطلعوا عنده فأمرهم بأن يركبوا على هؤلاء المماليك، فقالوا له: وهذا لا يكون وهم أكثر من ألفي نفس، وأيضاً فيه نقص في حق السلطان، فآخر الأمر تكلّم الأمراء معهم ولم يرجعوا وزاد الشرّ، وانقسموا فرقتين من فوق ومن أسفل، وقُتل جماعة من الخلق ثمانية من مماليك ابن (٤) السلطان محمد، وقُتل من خاصكيّته ثلاثة أنفس، ومن العوامّ فوق الثلاثين، وكان كاتب السرّ البارزي طُلب إلى القلعة، فلما طلع ضربه مملوكان منهم بالدبابيس حتى أشيع موته من كثرة ما حلَّ به وشدّته، فلم يصحّ تلك الإشاعة، وسلّمه الله تعالى، ثم نزل الأمراء من القلعة، وبقيت المماليك على حالهم، وامتنعوا عن القتال. ثم فعل مماليك الدوادار بأستاذهم كفعل مماليك السلطان.

ثم فتر عزم السلطان عن قتال المماليك بعد أن همّ به، لعلّه شفق عليهم، أو خاف من أمرٍ يحدث، فاجتهد في تسكين المتحرّك، ولم يحرّك الساكن. ثم سكنت الفتنة بعد أمورٍ جرت بين السلطان والمماليك (٥).


(١) في عقد الجمان (ميكرو فيلم ٣٥٠٨٦) ج ٤ - ٢/ ٢ ص ٧٢٧.
(٢) في حوادث الدهور ١/ ٦٩.
(٣) في عقد الجمان.
(٤) في الأصل: "بن".
(٥) خبر ثوران الجُلبان في: النجوم الزاهرة ١٥/ ٣٥٢، وحوادث الزهور ١/ ٦٩، ٧٠، وعقد الجمان ج ٤ - ٢ ق ٢/ ٧٢٧، ونزهة النفوس ٤/ ٢٤٨، ٢٤٩، والتبر المسبوك ٤١ (١/ ١٠٩ - ١١١)، ونيل الأمل ٥/ ١٥٨، ١٥٩، وبدائع الزهور ٢/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>