للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقرايُلُك هو عثمان والد حمزة هذا. صاحب آمِد وماردين وغيرهما من ديار بكر. وأخبار قرايُلُك مشهورة، وسيرته معروفة مذكورة لا حاجة لنا إلى التطويل بذكرها. ولنذكر منها قدرًا يكون عونًا لمن غفل عن ذلك.

٦١ - إعلم أن قرايُلُك المسمَّى عثمان هو الذي خرج إليه الأشرف بَرسْباي إلى قتاله لآمِد، وجرى بينهما ما هو مشهور، وًال أمر قرايُلُك هذا إلى أن وقع بينه وبين إسكندر بن قرا يوسف أخي (١) جهان شاه حرب، وكان إسكندر لم يقصده بل كان وقع بينه وبين مروان شاه بن تيمورلنك قتال، وفرّ منه، وبلغ ذلك قرايُلُك فتبعه وكان من أمره أنه انهزم وقصد أرزَن الروم أحد بلاد مملكته، فحِيل بينه وبين قلعتها، فرمى بنفسه إلى خندق المدينة لينجو فوقع على حجر شجّ دماغه، فحُمل منه إلى المدينة فمات بها بعد أيام قلائل. ويقال بل غرق بالخندق ومات.

وكان عمره نحو المائة سنة، فجُهّز بعد موته ودُفن خارج المدينة، فوردها إسكندر ونبش قبره وحزّ رأسه وبعث بها إلى القاهرة، فسُرّ الأشرف بذلك، وأمر بها فطيفت بشوارع القاهرة، ثم عُلّقت على باب زويلة أيامًا. وكان أصل والده من الأمراء الأرتُقيّة الأتراك.

٦٢ - ونشأ ابنه عثمان هذا بتلك البلاد، وملك بعد أبيه، ووقع له مع ملوك الشرق الوقائع الكثيرة المشهورة، وعمل بعد ذلك بخدمة الطاغية تمر اللنك، وكان جاء ليسأله لما قدم دمشق في سنة ثلاث وثمانمائة، وطال عمره في الشرور والفِتَن والحروب، ووقع بينه وبين جَكَم الذي تسلطن بحلب ولقّب نفسه بالعادل الواقعة المشهورة، وقتل جَكَم قرا وسرّ قرايُلُك هذا وقوي أمره، ثم ملك ماردين وقتل صاحبها، وكان بينه وبين العربان من آل فضل ونُعَير، بل وغيرهم الوقائع الكثيرة، ولقي منه أهل ديار بكر وملوكها غاية الشدائد والأنكاد وخصوصًا ملوك الحصن من بني أيوب فإنهم كانوا في غاية الحصر والضنك منه وفي البلاء العظيم، ولم يزل يتداول الحروب والشرور مع الملوك ويتحرّش بهم مدّة مديدة. وكان طويل الروح صبورًا على الأهوال والقتال ومحاصرة القلاع والمدن يباشر القتال في الحروب بل وجلّ الأمور بنفسه، ويقتحم الأهوال والحروب لكثرة ممارسته وطول عُمره مع عدم شهرة بشجاعة، وكان أكبر أحواله الهزيمة بعد الثبات الشديد، وإظهار الجلادة والصبر، ثم يكرّ مرة بعد أخرى ويغزو ويكرّ، وكان كثير المكر والحِيل والخديعة والغدر فأخذ البرهان أحمد صاحب سيواس بغدره وحيلته، وكذا فعل


= الكلام ٢/ ٥٩٩ رقم ٣٨٠، والذيل التام ١/ ٦٥١، والتبر المسبوك ١٠٨ (١/ ٢٣٤)، ونيل الأمل ٥/ ١٩٢، ١٩٣ رقم ٢٠٦٣، وبدائع الزهور ٢/ ٢٤٣.
(١) في الأصل: "اخو".

<<  <  ج: ص:  >  >>