الأشرفية أول ما فُتحت، فهو أول خطيب خطب بها، وكان للناس فيه حُسن الاعتقاد.
وتوفي فجأة في ثاني ذي الحجّة.
وكان قد عمل في يوم موته الميعاد على عادته في موضعين، وجاوز الثمانين. وخلّف.
أحدهم شيخ يقرُب الستين حين موت والده، وهو:
٦٩ - محمود والد إبراهيم الحموي (١).
الموجود في زمننا هذا، وهو رجل ساكن متديّن، متواضع، متَصَولح، ويُظْهر الزهد والعفّة.
أظنّه من أبناء الستين.
وهو أيضًا ممن رُزق القبول في وعظه فحُمِده لا سيما عند النساء ويهرعن إليه لسماعه من وإنٍ إلى مكان، وله عدّة أمكنة يعمل بها الميعاد، ويحضر مجلسه الجمع الوافر من النساء، بل ربّما كان كلّه أمن، النساء، وربّما طفن معه إذا قام من مكان وقصد غيره يتوجّهن معه منهنّ، وربّما سألنه في الطريق عن أسئلة سمجة أكثرها، وهو يجيبهنّ بما شاء، وله لديهنّ الحظّ يقف بينهنّ حتى صار يُدعى إلى ديار الأكابر الأعيان من أمراء وغيرهم، فيدخل الحريم ويجلس في حلقة النساء على كرسيّ، ويقرأ في أيام الحديث شيئًا من "البخاري"، ثم يتكلّم على ذلك بكلام في غاية الركاكة مع صوت منكر خلاف ما كان عليه صوت جدّه، ومع ذلك فيعجب النساء ويهرعن إليه، ويحصل له منهنّ الشيء الكثير.
أُخبِرت أن القاضي بدر الدين الدُمَيري الذي كان يُدعى بكتكوت كان يذكر عن إبراهيم هذا أنه يحصل له في كل عام من هذه الطريقة التي لزِمها نحو الألف دينار أو تمام الألف بما في ذلك من المبلغ والخلع من بندات صوف بفراء بسنجاب وغير ذلك، واللَّه أعلم بذلك ولا أستبعده. وبالجملة فإن له عند النسوة الحظ الأوفر بحيث لا يتحاشى من مكالمة الأجانب منهنّ لغير ضرورة، ويكرّرن الأسئلة عليه وهو يقرّر لهنّ الجواب ويطيل الخطاب. وله ولد ساكن النفس على سمت أبيه، دَرَبَ على طريقته، وكان وعك مرة فناب ولده عنه في أكثر مواضع مواعيده المرتّبة وغير ذلك.
وله أخ يُسمّى محمّد هو خطيب الأشرفية الآن.
• ولعبد الرحيم ولد آخر موجود الآن، وهو عمّ إبراهيم يقال له أحمد، كان ممن يتعانى الوقوف بباب السعد بن الديري قاضي القضاة من الأعوان. يُحكى عنه من
(١) انظر عن (إبراهيم الحموي) في: المجمع المفنّن ١/ ٢٦٢، ٢٦٣ رقم ١٢١.