للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثمانمائة. وكان الشهاب إذ ذاك حدثًا صغير السنّ:

بُستانُنا زاهرٌ زَهِيّ … نُزهتُهُ الآن لن تَفُوتا

هل لك في أن تراه معنا … فسوف آتي وسوف تُوتا (١)

واستقلّ بقضاء المنصورة أيضًا فيما بعد وزيد عليها قضاء سلمون، ثم زاده الحافظ ابن حجر، رحمه اللَّه، قضاء مُنية شيشين وباشر جميعها أحسن مباشرة، وظهرت سيرته المشكورة في قضائه، وكان قد انتشأ له ولد يقال له أحمد، وكان كثير الاغتباط به. ولم يزل ابن كُميل هو على ما هو عليه.

حتى توفي يوم الإثنين ثاني عشر شعبان غمًّا تحت الردم، وعلم من إخراجه من تحت الردم وهو غير مخدوش ولا مجروح بأنه إنما مات من الغمّ مستدلّين بما قلناه.

وكان من خبر موته تحت الردم أنه توجّه إلى سلمون لأمرٍ من الأمور التي هو بصددها وكان نزل بها في مسجد، وله به خلوة، وكان يعلو هذه الخلوة طبقة لطيفة لها سطح إلى جانب المئذنة (٢) التي للمسجد، فاتفق أن هبّت في تلك الليلة ريح (٣) عاصفة شديدة، واستمر في آخرها، وفي أول النّهار، فصلى الصبح ودخل إلى خلوته للراحة بها فاتفق أن قوي الريح على المئذنة (٤) فقصفها من نصفها وأسقطها على الطبقة لما وقع على سقفها، فنزل الجميع على سطح الخلوة التي هو بها وأخذ السطح ونزل به وبما نزل عليه من الطبقة والمئذنة الكل إلى الشيخ وهو قاعد بها لا شعور له بشيء من ذلك حتى ردمه الساقط فمات تحته غمًّا، وجاء الخبر إلى ولده فحضر من الكسوة في أسرع وقت ونبش عليه فوجده قد تصلّب الخشب عليه ولم يحصل له في جسمه لا خدش ولا جرح، فعرف بذلك أنه مات غمًّا لعجزه عن الخلاص من الردم، رحمه اللَّه.

٧٣ - محمّد بن عبد اللَّه بن أحمد بن حسن المكي، الحنبلي.

الشيخ أبو الخير بن الزين الفضلائي.


(١) في المجمع المفنّن ١/ ٥٥٦ كتب ابن كُميل للشهاب المنصوري:
بستاننا زاهر زهيّ … نزهته الآن لن تفوتا
هل لك أن تراه معنا … ننظر وردًا به وتوتا
فكتب إليه الشهاب:
إن كان بستانكم زهيا … وعَرْفه للقلوب قوتا
فطِبْ مقامًا وقرّ عينًا … فسوف آتي وسوف تُوتى
(٢) في الأصل: "المادنة".
(٣) في الأصل: "ريحًا".
(٤) في الأصل: "المادنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>