للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذكر لهم ثمنه الذي اشتراه، فأعطاه ملكهم ذلك وحصل له عناية حتى خلّص منهم، فطلع إلى السلطان بالقاهرة وأخبره بهذه القضية، فقال: هم يشوّشون على الرعيّة من الناس؟

فقال: لا.

فقال: خلّهم يقتل بعضهم بعضًا.

قال العَيْني (١)، رحمه اللّه،: وهذا قَطّ ما سُمع بمثله، ولا ملك يسمع هذا ويسكت عنه.

انتهى كلام العَيْني برُمّته.

قال: وقصّة هؤلاء العبيد من الغرائب. وممّا يُحكَى من تمامها أن سلطانهم هذا يسمّى بجقمق، ولُقّب بالملك الظاهر، وسمّى جماعة منهم بأسماء الأمراء في تلك الأيام من أرباب الوظائف والمقدَّمين وغيرهم. ولما زاد شرّهم وتعدّى لغيرهم ببرّ الجيزة توجّه إليهم وإلى الشرطة وجماعة من المماليك فعاركوا الوالي وقتل منهم جماعة، وهرب الكثير بعد ذلك أيضًا، وبقي العبد إذا رأى المملوك فارًّا (٢) بنفسه فيرميه المملوك بالسهم، وربّما قتله.

حكى من أثق به قال: اجتزت بمعدّية إلى الجيزة، فبينا نحن في أثناء سيرنا في البحر وإذ بمعدية أخرى مجتازة وفيها عبد أسود جالس على الحافّة، ومعنا مملوك معه قوس نشّاب، فرمى على العبد الجالس وهو لا يشعر، فأصابه السهم وأقلبه إلى الماء، ثم بعد قليل انتهى أمر هؤلاء العبيد وخمدوا (٣).

وجرى قريبًا من نحو هذه الحكاية فيما بعد الثمانين، ولعلّنا نصل إليه فنذكره إن شاء الله تعالى.


(١) المصدر السابق.
(٢) في الأصل: "فار".
(٣) قضية العبيد في: عقد الجمان ج ٢٤ ق ٢/ ٧٦٥، ٧٦٦، وحوادث الدهور ١/ ١٢٤، ونزهة النفوس ٤/ ٣٢٧، والتبر المسبوك ١٢٦ (١/ ٢٦٧، ٢٦٨)، ووجيز الكلام ٢/ ٦٠١، ونيل الامل ٥/ ٢١٥، وبدائع الزهور ٢/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>