للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توفّيت فاطمة هذه في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة.

قال الحافظ (١): وقد أكَملَت السبعين سنة.

٩٤ - قانِبَاي الجَكَمي (٢).

حاجب حجّاب حلب.

كان من مماليك جَكَم بن عوض نائب حلب المشهور الذي تطلّب عليها وتسلطن بها، ولقّب نفسه بالعادل. تنقّلت به الأحوال بعد موت جكم إلى أن صار من العدّة السلطانية، فلما تسلطن الأشرف بَرسْباي جعله خاصكيّا، ثم لم يزل على ذلك مدّة مطوّلة حتى رقّاه الظاهر فولّاه حجوبية الحجّاب بحلب مرة من غير أن يرشَّح لذلك، ولا عدّ من المشاهير، بل ولا من أعيان الخاصكية، ولا (٣) من شجاعة ولا إقدام ولا همّة ولا بفنّ من الفنون التي توجب له ذلك، بل لعنائه من بعض الأعيان. وعُدّت ولايته بحجوبية حلب من سيّئات الظاهر وغلطاته، وعيب عليه في ذلك، على أنه كان مسرفًا على نفسه. وكان الظاهر يظهر كراهة من هو على تلك الطريقة التي كان عليها قانِباي، فلعفه دلّس عليه في أمره أو رقّاه عارفًا بذلك.

توفي بحلب غمّا من دخان نار وُقِدت بين يديه على عادة أهل حلب في التّدفيء بذلك في أيام الشتاء، في أواخر ذي حجة، وأُحضر محضر من حلب ذُكر فيه كيفيّة موته، وهو أنه سكر في ليالي الشتاء ومعه مملوك له، وأوقد النار بين يديه ببيت يُعدّ لمرقده، وغلب عليهما السُكر، فناما وعملت النار في البيت وملأته دخانًا بحيث استيقظا منه حين دخل خياشيمهما. وقاما يطلبان باب البيت، فلم يهتديا إليه لعظم ما نالهما وسدّ أنفاسهما من الدخان، وما قدر اهتداؤهما لمخلص باب البيت يخرجانه، فماتا غمًّا لضيق النفَس من كثرة الدخان، واستُدلّ على ذلك لما كشف عنهما، فكتب المحضر بذلك، وجُهّز للسلطان لئلّا يتوهّم خلاف ذلك. ولما وقف الظاهر على ذلك صرّح بلعنه وسبّه، بل ولعن من أشار إليه بتوليته حجوبية حلب.

واسمه مركّب من "قان"، وهو اسم للسلطان كالخان أيضًا بلغة المُغل والتُرك. و"باي" معروفة.


(١) أي ابن حجر في إنباء الغمر ٤/ ٢٤٠.
(٢) انظر عن (قانباي الجكمي) في: إنباء الغمر ٩/ ٢٤١ (طبعة حيدر أباد)، والترجمة ساقطة من النسخة المطبوعة بدار الكتب المصرية، والنجوم الزاهرة ١٥/ ٥١١، ٥١٢، والتبر المسبوك ١٣٠ (١/ ٢٧٤)، والمنهل الصافي ٩/ ٢٤، ٢٥ رقم ١٨٢٨، والدليل الشافي ٢/ ٥٣٠، ٥٣١ رقم ١٨٢٠، والضوء اللامع ٦/ ١٩٥ رقم ٦٥٨، ونيل الأمل ٥/ ٢١٤ رقم ٢٠٨٣، وبدائع الزهور ٢/ ٢٥٣.
(٣) في الأصل: "ولام".

<<  <  ج: ص:  >  >>